فيها كَانَ الغَرَقُ ببغدادَ بزيادة دِجلة، وركب الخليفة شُبّارةً، وخاطبَ النَّاس، وجعلَ يتأوَه لهم وَيَقُولُ: لو كَانَ هَذَا يُرَدُّ عنكم بمالٍ أَوْ حَرْب، دفعتُه عنكم.
قَالَ أَبُو شامة [1]- وقد نقلَهُ من كلام أَبِي المُظَفَّر سِبْط الْجَوْزيّ [2] ، إن شاء اللَّه: فانهدمت بغدادُ بأسرها، والمَحالّ، ووصلَ الماء إلى رأس السُّور، ولم يبقَ لَهُ أن يطفحَ عَلَى السُّور إِلَّا مقدار إصبعين، وأيقنَ النَّاس بالهلاكِ، ودامَ ثماني أيّام [3] ، ثُمَّ نقصَ الماء، وبقيت بغداد من الجانبين تُلُولًا لا أثر لها! [4] .
قُلْتُ: هَذَا من خسف أَبِي المُظَفَّر، فَهُوَ مُجازفٌ.
قَالَ أَبُو المُظَفَّر [5] : وفيها قَدِمَ خُوَارِزْم شاه مُحَمَّد بن تكش في أربعمائة ألف، وقيل: في ستّمائة ألف، فوصل هَمَذان قاصدا بغداد، فاستعدَّ الخليفةُ، وفرَّق الْأموال والعُدَد، وراسلَهُ مَعَ الشَّيْخ شهاب الدّين السُّهْرَوَرْدي، فأهانه ولم يحتفل بِهِ، واستدعاه، وأوقفه إلى جانب الخَيْمة، ولم يُجْلسه، قَالَ: فحكَى شهابُ الدّين، قَالَ: استدعاني إلى خَيْمةٍ عظيمة لها دِهليز لم أر مثله في الدُّنْيَا، وَهُوَ من أطْلَس [6] ، والْأطنابُ حرير، وفي الدِّهليز ملوكُ العَجَمِ عَلَى طبقاتهم، كصاحب أصبهان،