قَالَ الشّهابُ القُوصيّ- وهو ممّن روى عَنْهُ-: كان مبتكرا للمعاني بثاقب فِكره، آخذا لمجامع القلوب بحلاوة شِعره.
وذكره ابن خلّكان [1] ، فقال: هبة الله ابن القاضي الرشيد أبي الفضل جعفر ابن المعتمد سَناء المُلك مُحَمَّد بْن هبة الله بْن مُحَمَّد السَّعديّ. كَانَ أحدَ الرؤساء النُّبلاء، وكان كثير التّخصّص والتّنعّم، وافر السّعادة، محفوظا من الدّنيا، لَهُ رسائلُ دائرة بينَه وبينَ القاضي الفاضل، وهو القائل في الفاضل:
ولو أبْصرَ النَّظَّامُ جَوْهرَ ثَغْرِهَا ... لَمَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ الْجَوْهَرُ الفَرْدُ
ومَنْ قَالَ إنَّ الخَيْزُرَانَةَ قَدُّها ... فَقُولُوا لَهُ: إيَّاكَ أَنْ يَسْمَعَ القَدُّ [2]
وله:
يا عَاطِلَ الْجِيدِ إلَّا مِنْ مَحَاسِنِه ... عَطَّلْتُ فِيكَ الحَشَا إلا مِنَ الحَزَنِ
في سِلْكِ جَفْنِيَ دُرُّ الدَّمْعِ مُنْتَظِمٌ ... فَهَلْ لِجيدِكَ في عِقْدٍ بِلا ثَمَنِ
لا تَخْشَ مِنِّي فإنّي كالنّسيم ضَنى ... ومَا النَّسِيمُ بمخْشِيٍّ عَلَى الغُصُنِ [3]
وله:
ولم يودعوه السّجن إلّا مخالفة ... من العين أن تسطو عَلَى ذَلِكَ الحُسْنِ
وقَالُوا كَمْ [4] شَارَكْتَ في الحُسْنِ يُوسُفًا ... فَشَارِكْه أيضا في الدُّخُولِ إِلى السّجن [5]
وله:
ومليّة بالحسن يخسر وجهها ... بالبدر يهزأ ريقها بالقرقف