في العلم وصدرا في المشاورين، بارعا في علم اللّسان والفقه والفُتيا والقراءات. وأمّا عقدُ الشروط، فإليه انتهت الرئاسة فيه، وبه اقتدى مَن بعده.
ولو عُنِيَ بالتأليف، لأرْبَى عَلَى من سلف. وكان كريمَ الخُلُقِ، عظيمَ القدر، سَمْحًا جوادا. خطب بجامع بَلَنْسية، وامْتُحْنَ بالولاة والقضاة، وكانوا يستعينون عَلَيْهِ، ويجدون السبيلَ إِلَيْهِ بفضل دُعابةٍ كانت فيه مَعَ غلبة السلامة عَلَيْهِ في إعْلانه وإسراره [1] وكثرة التّلاوة. أقرأ القرآن، وأسمعَ الحديثَ، ودرَّس الفقه، وعلَّمَ العربيةَ، ورحل النّاسُ إِلَيْهِ، وسَمِعَ منه جِلَّة، وطال عمره حتّى أخذ عَنْهُ الآباءُ والأبناءُ. وتلوت عَلَيْهِ بالسَّبْع. وهو أغزر مَن لقيتُ علما، وأبعدُهم صيتا. تُوُفّي في سادس شَوَّال، ورُثي بمراثٍ كثيرة.
قلتُ: وقد أطنب الأبار في وصفه بأضعاف ما هنا. وممّن قرأ عَلَيْهِ القراءات عَلَم الدّين القَاسِم شيخ شيوخنا، وأَبُو جَعْفَر أَحْمَد بْن عليّ ابن الفَحَّام المالقيّ.
412- مُحَمَّد بْن عَبْد الله بْن طاهر [2] .
القاضي أَبُو عَبْد الله الفاسي.
أخذ عَنْ أَبِي إِسْحَاق بْن قُرْقول، وغيره.
وكان محدّثا حافظا إماما، ولي قضاء مَرّاكُش. وكان موته بإشبيليّة أرَّخه الأبّار.
413- مُحَمَّد بْن عُثْمَان [3] بْن سعيد.
أَبُو عَبْد الله الفاسيّ، الفقيه المعروف بابن تقميش [4] .
حمل «مختصر الأحكام» لعبد الحقّ عَنِ المصنّف، وحَدَّثَ بِهِ. وكان مُفتيًا، إماما، أصوليّا.