عَبْدُ اللَّهِ ابْنُهُ: إِنَّا للَّه، دَعَوْتَ بِدَعْوَى الْقَبَائِلِ وَقَدْ نُهِيَ عَنْهَا. فَأَعْتَقَ ثَلَاثِينَ رَقَبَةً [1] .

وَقَالَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ: أَخْبَرَنِي مَوْلًى لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، أَنَّ عَمْرًا أَدْخَلَ فِي تَعْرِيشِ الوهط- وهو بستان له بالطائف- ألف أَلْفَ عُودٍ، كُلُّ عُودٍ بِدِرْهَمٍ [2] .

وَقَالَ يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَمَاسَةَ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ الْوَفَاةُ بَكَى، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: لِمَ تَبْكِي، أَجَزَعًا مِنَ الْمَوْتِ؟! قَالَ: لَا وَاللَّه وَلَكِنْ لما [3] بعده، قال: قد كُنْتَ عَلَى خَيْرٍ، فَجَعَلَ يُذَكِّرُهُ صُحْبَةَ رَسُولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم وفتوحه الشام، فقال عمرو: تركت أفضل من ذلك كله، شهادة أن لا إله إلا الله، إِنِّي كُنْتُ عَلَى ثَلَاثِ أَطْبَاقٍ [4] ، لَيْسَ مِنْهَا طَبَقَةٌ إِلَّا عَرَفْتُ نَفْسِي فِيهَا: كُنْتُ أَوَّلَ شَيْءٍ كَافِرًا، وَكُنْتُ أَشَدَّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وآله وَسَلَّمَ فَلَوْ مِتُّ حِينَئِذٍ لَوَجَبَتْ لِيَ النَّارُ، فَلَمَّا بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كُنْتُ أَشَدَّ النَّاسِ مِنْهُ حَيَاءً، مَا مَلَأْتُ عَيْنَيَّ مِنْهُ، فَلَوْ مِتُّ حِينَئِذٍ لَقَالَ النَّاسُ: هَنِيئًا لِعَمْرٍو، أَسْلَمَ عَلَى خَيْرٍ، وَمَاتَ عَلَى خَيْرِ أَحْوَالِهِ، ثُمَّ تَلَبَّسْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِأَشْيَاءَ، فَلَا أَدْرِي أَعَلَيَّ أَمْ لِي، فَإِذَا أَنَا مِتُّ فَلَا يُبْكَى عَلَيَّ وَلَا تُتْبِعُونِي نَارًا، وَشُدُّوا عَلَيَّ إِزَارِي، فَإِنِّي مُخَاصَمٌ، فَإِذَا وَارَيْتُمُونِي فَاقْعُدُوا عِنْدِي قَدْرَ نَحْرِ جَزُورٍ وَتَقْطِيعِهَا، أَسْتَأْنِسُ بِكُمْ، حَتَّى أَعْلَمَ مَا أُرَاجِعُ رُسُلَ ربّي.

أخرجه أبو عوانة في مسندة [5] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015