الحربَ وأنا ابن خمس عشرة سنة إلى أن بلغت مدى التّسعين، وصرتُ منَ الخوالِفِ، خَدِين المنزلُ، وعن الحروب بمعزِل، لا أُعَدُّ لمهمّ، ولا أدعى لدفاع ملمّ، بعد ما كنتُ أوّل من تنثني عليه الخناصر، وأكبر العدد لدفع الكبائر، أوّل من يتقدَّم السَّنْجَقِيَّة عِنْد حملة الأصحاب، وآخر جاذب عِنْد الجولة لحماية الأعقاب.

كم قَدْ شهدت منَ الحروب فليتني ... فِي بعضها مِن قبل نكسي أُقتلُ

فالقتلُ أحسن بالفتى من قبل أن ... يفنى ويبليه الزّمان وأجملُ

وأبيكَ ما أحجمتُ عَنْ خوض الرَّدى ... فِي الحرب، يشهد لي بذاك المنْصلُ

لكنْ قضاء اللَّه أخَّرني إلى ... أَجَلي الوقت لي فماذا أفعلُ؟

ثُمَّ أَخَذَ يعدّ ما حضره منَ الوقعات الكبار قَالَ: فَمنْ ذَلِكَ وقعة كَانَ بيننا وبين الإسماعيليّة فِي قلعة شَيْزَر لمّا وثبوا على الحصن في سنة سبع وخمسمائة [1] ، ووقعة كَانَتْ بَيْنَ عسكر حماه وعسكر حمص في سنة خمس وعشرين وخمسمائة، ومصافّ عَلَى تِكْريت بَيْنَ أتابَك زنكي بْن آق سنقر، وبَيْنَ قُراجا صاحب مرس فِي سنة ستٍّ وعشرين، ومصافّ بين المسترشد باللَّه وبين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015