ببعض قرى أصبهان رجل من أهل العلم والدّين أراد أن يحجّ حجّ نافلة، فجاء جماعة إلى الحافظ أَبِي مُوسَى فسألوه أن يشفع إِلَيْهِ فِي قعوده عَنِ الحجّ لما يرجون منَ الانتفاع بإقامته، فخرج معهم إلى القرية راكبا عَلَى حمار، فأجابه إلى ذَلِكَ، فحملوا إلى أَبِي مُوسَى شيئا منَ الذَّهب، فلم يقبله. فقالوا: فرِقه فِي أصحابك. قَالَ: فرِّقوه أنتم إن شئتم.

وحدَّثني بعضُ مَن رحل بعدي إلى أصبهان أنّ رجلا منَ الأغنياء أوصى إلى الشَّيْخ أَبِي مُوسَى بمالٍ كثيرٍ يفرّقه فِي البرّ، فلم يقبل، وقَالَ: بل أوصي إلى غيري، وأنا أدلّك إلى مَن تدفعه إِلَيْهِ. ففعل.

وفيه منَ التَّواضع بحيث أَنَّهُ يُقْرئ كُلّ من أراد ذَلِكَ من صغير وكبير، ويرشد المبتدءين، حَتَّى رَأَيْته يحفّظ صبيانا القرآن فِي الألواح. ولا يكاد يستتبع أحدا إذا مضى إلى موضع، حَتَّى إنّني تبعته مرَّةً فَقَالَ: ارجِع. ثُمَّ تبِعتُه، فالتفت إليَّ مُغضبًا وقَالَ لي: ألم أقُلْ لك لا تمش خلفي، أنتَ إذا مشيت خلفي لا تنفعني. وتبطل عَنِ النَّسْخ، وتردّدتُ إِلَيْهِ نحوا من سنة ونصف، فَمَا رَأَيْت منه ولا سَمِعْتُ عَنْهُ سَقْطةً تُعاب عليه.

وقَالَ مُحَمَّد بْن محمود الرُّوَيْدَشْتيّ [1] : تُوُفّي الحافظ أَبُو مُوسَى فِي تاسع جُمادى الأولى، وكان أَبُو مَسْعُود كُوتاه الحافظ يَقُولُ: أَبُو مُوسَى كنزٌ مَخْفِيّ.

وقَالَ الْحُسَيْن بْن يَوْحن [2] الباورّيّ [3] : كنتُ فِي مدينة الخان [4] فجاءني رَجُل فسألني عَنْ رؤيا قَالَ: رَأَيْت كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفّي. فقلت: هَذِهِ رؤيا الكبار، وإنْ صَدَقَتْ رؤياك يموت إمام لا نظير لَهُ فِي زمانه. فَإِن هَذَا المنام رُئِيَ حالةَ وَفاة الشّافعيّ، والثّوريّ، وأحمد بن حنبل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015