والمختارة، وخرج النّساء حاسراتٍ يَلْطمْن ويَنُحْن من باب البدريَّة إلى باب حجرة الخليفة، والخِلَع تفاض عليهنّ وعلى المُنْشِدين منَ الرجال.
وتعدّى الأمر إلى سَبِّ الصّحابة. وكان أَهْل الكرْخ يصيحون: ما بقي كتمان. وأقاموا ابنة قرايا، وكان الظّهير ابن العَطَّار قَدْ كبس دار أبيها، وأخرج منها كُتُبًا فِي سبّ الصّحابة، فقطع يديه ورِجْلَيه، ورجمته العوامّ حَتَّى مات، فقامت هَذِهِ المرأة تحت منظرة الخليفة وحولها خلائق وهي تنشد أشعار العَوْني وتقول: العنوا راكبةَ الجمل. وتذكر حديث الإفْك.
قَالَ: وكلّ ذَلِكَ منسوبٌ إلى أستاذ الدّار، وَهُوَ مجد الدّين ابن الصّاحب، ثُمَّ قُتِلَ بعد [1] .
وفيها وقع الخلاف بَيْنَ الفِرنج- لعنهم اللَّه- وتفرَّقت كلمتهم، وكان فِي ذَلِكَ سعادة الْإِسْلَام [2] .
وفيها غدر اللّعين أرناط صاحب الكَرَك، فقطع الطّريق عَلَى قافلةٍ كبيرة جاءت من مصر، فقتل وأسر، ثُمَّ شنّ الغارات عَلَى المسلمين، ونبذ العهد.
فتجهّز السّلطان صلاح الدّين لحربه، وطلب العساكر منَ البلاد، ونذر إن ظَفَرَ بِهِ ليقتلنّه، فأظفره الله به كما يأتي [3] .