الْخَيِّرِ، قَالَتْ: أَنَا أَبِي سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ: حَدَّثَنِي أَبُو طَاهِرِ بْنُ سِلَفَةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَأْرَبَعِمَائَةٍ: أَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ الثَّقَفِيُّ، فَذَكَرَ حَدِيثَ الْبَلَدِ الرَّائِعِ، وَهُوَ إِصْبَهَانُ، مَتْنُهُ: «إِنَّكُمُ الْيَوْمَ عَلَى دِينٍ وَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ» [1] .
ولا أعلم أحدا فِي الدّنيا حدّث نيّفا وثمانين سنة سوى السلَفي. وقد أملى المجالس الخمسة بسَلَمَاس، وعُمره ثلاثون سنة. وعمل «الأربعين البلديّة» الّتي لم يُسْبَق إلى مثلها.
وقد انتخب على غير واحدٍ من شيوخه.
قال الزّاهد أَبُو عليّ الأوقيّ: سمعت السّلفيّ يقول: لي ستّون سنة ما رَأَيْت منارة الإسكندريّة إلَّا من هذه الطّاقة. رواها ابْن النّجّار عَن الأوقيّ.
وقال ابْن المفضّل فِي معجمه: عدّة شيوخ شيخنا السّلفيّ تزيد على ستّمائة نفس بأصبهان. وخرج إلى بغداد وَلَهُ نحو من عشرين سنة أقلّ أو أكثر، ومشيخته البغداديّة خمسة وثلاثون جزءا. وَلَهُ تصانيف كثيرة. وكان يستحسن الشعْر ويَنْظمُه، ويُثيب من يمدحه.
وأخذ الفقه عَن: إلْكِيا أَبِي الْحَسَن عليّ بْن مُحَمَّد الطّبريّ، وأبي بَكْر مُحَمَّد بْن أَحْمَد الشّاشيّ، وأبي القاسم يوسف بْن عليّ الزّنجانيّ.
والأدب عَن: أَبِي زكريّا التبرِيزي، وأبي الكَرَم بْن فاخر، وعليّ بْن مُحَمَّد القصبجيّ.
وسمعته يقول: مَتَى لم يكن الأصل بخطّي لم أفرح به.
وكان جيّد الضّبط، كثير البحث عمّا يُشْكل عَلَيْهِ. وكان أوحد زمانه فِي علم الحديث، وأعْرَفهم بقوانين الرّواية والتحْدِيث. جمع بين عُلُو الإسناد، وعلوّ الانتقاد، وبذلك كان ينفرد عن أبناء جنسه.