وكان أشدّ النّاس قتالا يومئذ الفقيه عيسى الهكّاريّ. وحملت الفِرَنج على صلاح الدّين، وتكاثروا عَلَيْهِ، فانهزم يسيرا قليلا قليلا. وكانت نَوْبة صَعْبة [1] .
وفِيهَا نزلت الفرنج على حماه، وهي لشهاب الدّين محمود بْن تِكِش خال السّلطان، وكان مريضا، وكان الأمير سيف الدّين المشطوب قريبا من حماه، فدخلها وجمع الرجال، فزحفت الفِرَنج على البلد، وقاتلهم المسلمون قتالا شديدا مدةَ أربعة أشهر، ثمّ ترحّلوا عَنْهَا.
وأمّا السّلطان فإنّه أقام أيّاما بمن سَلِم معه، ثمّ خرج من مِصْر، وعيّد بالبركة، ثمّ كمل عدّة جيشه، فَبَلَغهُ أمرُ حماه، فأسرع إليها، فلمّا دخل دمشق تحقّق رحيل الفِرَنج عَن حماه [2] .
وعصى الأمير شمس الدّين محمد بن المقدّم ببَعْلَبَك، فكاتَبَه السّلطان وترفّق به، فلم يجب، ودام إلى سنة أربع [3] .