كسرت العربُ عَلَى باب داري ألف سيف، حَتَّى قِيلَ إنّ عليّا قُتل وامتدّ الخبر إلى بني الحارث، وكانوا خَلْفا [1] ، فأصبح فِي منازلهم سبعون فرسا معقورة مكسورة حزنا عَلَيْهِ.

ثُمَّ اصطنع العبيد وأعتقهم، وردّ عليهم أسلحتهم، فتكفّلوا لَهُ أمان البلاد من عشائرهم.

وكان السُّفهاء والشّباب منّا [2] لا يزال يجني بعضهم عَلَى بعض، ويكثر الجراح والقتْل، فأذكر عشيَّة أنّ القوم هزمونا حَتَّى أدخلونا البيوت، فقيل لهم: هذا عَلِيّ أقبل. فانهزموا حَتَّى مات تحت أرجل القوم ثلاثة رجال. ثُمَّ أصلح بين النَّاس [3] .

تُوُفّي عَلِيّ بْن زيدان سنة ستّ وعشرين وخمسمائة، وتبِعَه خالي مُحَمَّد بْن المثيب سَنَة ثمانٍ، فكان أَبِي يتمثَّل بعدهما بقول الشَّاعر:

ومن الشّقاء تفرُّدي بالسُّؤْدُدِ [4]

وتماسكت أحوال النَّاس لوالدي سَنَة تسعٍ وعشرين، وفيها أدركت الحُلْم.

ثُمَّ مُنِعْنا الغَيْثَ سَنَةً وبعض أخرى، حَتَّى هلك الحَرْث [5] ، ومات النَّاس فِي بيوتهم، فلم يجدوا من يدفنهم.

وفي سَنَة إحدى وثلاثين دَفَعَتْ لي والدتي مَصُوغًا لها بألف مِثْقال [6] ، ودفع لي أبي أربعمائة دينار وسبعين، وقالا لي: تمضي إلى زَبِيد إلى الوزير مُسْلِم بْن سَخْت، وتُنْفِق هذا المال عليك وتنفقه، ولا ترجع حَتَّى تُفْلِح، وزبيد عنّا تسعة أيام.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015