الدّين، رحمه اللَّه، كَانَ قد استخدم صاحب سِيس هذا، وأقطعه واستماله، وظهر لَهُ منه نُصْحه، وكان ملازِمًا لخدمة نور الدّين، مُعِينًا لَهُ عَلَى الفرنج، ولمّا قِيلَ لنور الدّين فِي معنى استخدامه وإعطائه بلادَ سِيس قَالَ: أَستعين بِهِ عَلَى قتال أهل مِلَّته، وأُريح طائفة من عسكري، وأجعله سدّا بيننا وبين صاحب القُسطنطينيَّة. فجهَّز إِلَيْهِ صاحب الروم جيشا كثيفا، فالتقاهم، ومعه طائفة من عسكر المسلمين، فهزمهم، وكثُر القتْل والأسرُ فِي الرّوم، وقَوِيَتْ شوكةُ مليح [1] .
وفيها سار نور الدّين إلى بلاد الشّرق، فصلّى فِي جامع المَوْصِل الَّذِي بناه، وتصدّق بمالٍ عظيم، ثمّ ردّ وقطع الفُرات، وقصد ناحية الروم، فافتتح بَهَسْنَا [2] ، وَمَرْعَش [3] .
وردّ إلى الشّام، ومعه ابن الدّانشمنْد، ووعده بخلاص بلاده، فبعث قلج أرسلان إلى نور الدّين يخضع لَهُ، وأن يردّ إلى ابن الدّانشمنْد قِلاعه، فشرط عليه نور الدّين: