فقال ابن أخيه تقي الدّين عُمَر: إذا جاء قاتلناه. ووافقه غيره من أهله، فسبّهم نجم الدّين أيّوب واحتدّ، وكان ذا رأي ومكر، وقال لتقي الدّين: اسكت، وزَبَرَه، وقال لصلاح الدّين: أَنَا أبوك، وهذا خالك، أتظّن أنّ في هَؤُلَاءِ من يريد لك الخير مثلَنَا؟ فقال: لا. فقال: والله لو رَأَيْت أَنَا وهذا نور الدّين لم يمكننا إلّا أن ننزل ونقبّل الأرضَ، ولو أَمَرَنا بضرْب عُنقك لفَعَلْنا، فما ظنُّك بغيرنا؟! فكلّ من تراه من الأمراء لو رَأَى نور الدّين لَمَا وسِعَه إلّا التَّرَجُّل لَهُ.
وهذه البلاد لَهُ، وإنْ أراد عزْلك فأيّ حاجة له إلى المجيء؟ بل يطلبك بكتاب.
وتفرّقوا، وكتب أكثر الأمراء إلى نور الدّين بما تم. ولمّا خلا بولده قَالَ: أنت جاهل، تجمع هذا الجمع وتُطْلِعَهم عَلَى سِرِّك، ولو قصدك نور الدّين لم تر معك أحدا منهم.
ثمّ كتب إلى نور الدّين بإشارة والده نجم الدّين يتخضّع لَهُ، ففتر عَنْهُ [1] .
قَالَ العماد [2] : وكان نور الدّين لا يقيم فِي البلاد [3] أيّام الربيع والصّيف محافظة عَلَى الثّغر، وصَونًا من الحَيْف، ليحمي البلاد بالسّيف [4] . وهو متشوّق إلى أخبار مصر وأحوالها، فرأى اتّخاذ الحمام المناسب، وتدريجها