وقال الشَّيْخ دَاوُد: كان الشَّيْخ أَحْمَد بْن الرفاعيّ قد ذكر النّخيل الّتي له، وعيّن على واحدةٍ، وقال لأصحابه: إذا استوت هذه أدَّيناها للشّيخ رسلان. فمرّ بها بعد مدَّة، فوجد أكثر ما عليها قد راح فسألهم، فقالوا: لم يطلع إليها أحدٌ، ولكن فِي كلّ يوم يجيء إليها بازٌ، أشهب يأكل منها، ولا يقرُب غيرَها، ثُمَّ يطير.
فقال لهم: الباز الَّذِي يجيء هُوَ الشَّيْخ رسلان، فلذلك يقال له: الباز الأشهب.
قال دَاوُد: ولمّا احتضر الشَّيْخ أبو عامر المؤدِّب سألوه أن يوصي إلى ولده عامر، فقال: عامر خراب، ورسلان عامر. فَلَمّا تُوُفّي قام الشَّيْخ رسلان مُقامه، ولم تَخْفَ من عامرٍ حالُه.
قال شمس الدِّين بْن الْجَزَريّ: صلّيتُ العصر فِي مسجدٍ كان فِيهِ الشَّيْخ رسلان، داخل باب توما، فقال لي يُوسُف المؤدِّب: يا سيّدي، هنا بئر حفره الشَّيْخ رسلان بيده، وأهل هذه النّاحية يشربون منه [للتداوي] [1] ، ومن [اشتكى] [2] جوفه، أو حصل له أَلَمٌ، يشرب منه، فيُعافى بإذن اللَّه، وقد جرّبه جماعة ثُمَّ أشار بإصبعه وقال: هذا بيت الشَّيْخ رسلان، وإلى جانبه الطّريق.
وكان..... [3] فكلّما كان يعمل بالمنشار..... [4] كلّمه المنشار مرّتين، وفي الثّالث كلّمه وانقطع [قطعة] [5] وقال: يا رسلان ما لهذا خُلِقت ولا بهذا أُمِرتْ. فترك العمل، وجلس فِي هذا المعبد، وهو مسجد صغير.
وعاد نور الدِّين الشهيد اشترى دارا مجاورة للمسجد [فوسّعه] [6] وبنى [7] له منارة، ووقف عليه.