وذكره أَبُو الفَرَج بْن الْجَوْزِيّ [1] فقال: كان يجتهد فِي اتّباع الصّواب، ويحذر الظُّلْم، ولا يَلْبَس الحرير. قال لي: لمّا رجعت من الحِلَّة دخلت على المقتفي، فقال لي: ادخل هذا البيتَ وغيّر ثيابك. فدخلت فإذا خادم وفرّاش [2] ومعهم [3] خلعة حرير، فقلت: واللهِ ما ألبَسُها. فخرج الخادم فأخبر المقتفي فسمعت صوته يقول: قد واللهِ قلتُ إنّه ما يلْبَس.
وكان المقتفي مُعْجَبًا به ولمّا استُخلِف المستنجد دخل عليه فقال له:
يكفي فِي إخلاصي أنّي ما حابَيْتُك فِي زمن أبيك. فقال: صَدَقْت.
قال: وقال مُرجانُ الخادم: سَمِعت المستنجد باللَّه ينشد لوزيره وقد مثُل بين يديه فِي أثناء مفاوضة ترجع إلى تقرير قواعد الدِّين وإصلاح أمور المسلمين، فأُعجِب المستنجد به، فأنشده لنفسه:
صَفَتْ نِعمتان خَصَّتَاكَ وَعَمَّتا ... فذِكْرُهُمَا حَتَّى القيامةِ يُذْكَرُ [4]
وجُودك والدَّنيا إليك فقيرةٌ ... وجُودُك والمعروفُ فِي النّاس يُنْكَرُ [5]
فلو رامَ يا يحيى مكانَك جَعْفَر ... ويحيى لكَفّا عَنْهُ يحيى وجعفرُ [6]
ولم أر من يَنْوِي لك السُّوء يا أَبَا المظفَّر ... إلا كنتَ أنت المظفّر [7]