وكان من بيت حشمةٍ وجلالة. صارت إِلَيْهِ الرئاسة عند اختلال أمر الملثّمين، وقيام ابن قَسِيّ عليهم بغرب الأندلس، وهو حينئذٍ عَلَى قضاء قُرْطُبة، ودُعي لَهُ بالإمارة في رمضان سنة تسعٍ وثلاثين، وتسمّى بأمير المسلمين المنصور باللَّه، ودُعي لَهُ عَلَى أكثر منابر الأندلس.

ويقال إنّ مدَّة دولته كانت أربعة وعشرين يوما، وتعاوَرَتْه المِحَن، فخرج إلى العُدْوة، في قصصٍ طويلة. ثمّ قفل، وترك مالقَة، إلى أن تُوُفّي في هذا العام.

وأمّا ابن قَسِيّ، فإنّه خرج بغرب الأندلس، واسمه أحمد، وكان في أول أمره يدعي الولاية. وكان ذا حِيَل وشَعْبَذَة، ومعرفة بالبلاغة، وقام بحصن مارتلة.

ثمّ اختلف عَلَيْهِ أصحابه، ودسّوا عَلَيْهِ من أخرجه من الحصن بحيلة، حتى أسلموه إلى الموحدين، فأتوا به عبد المؤمن، فقال لَهُ: بلغني عنك أنّك دعيت إلى الهداية.

فكان من جوابه أن قال: أليس الفجر فجرين، كاذب وصادق؟ فأنا كانت الفجر الكاذب.

فضحك عبد المؤمن وعفا عَنْهُ، ولم يزل بحضرته إلى أن قتله صاحبٌ لَهُ.

427- حَيْدَرَةُ بْن المفرّج بْن الحَسَن [1] .

الوزير زَيْن الدّولة ابن الصُّوفيّ، أخو الرئيس الوزير مُسَيَّب.

لم يزل إلى أن عمل عَلَى أخيه وقَلَعَه من وزارة صاحب دمشق مُجير الدّين، ووُلّي في منصبه، فأساء السّيرة، وظلم، وعَسَف، وارتشى، ومُقِت في العام الماضي والآن. وبلغ ذَلكَ مجير الدّين، فطلبه إلى القلعة عَلَى العادة، فعدل بِهِ الْجُنْدَاريَّة إلى الحَمّام وذُبح صبْرًا، ونصِب رأسُه على حافّة الخندق [2] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015