فطمع ابن عَبّاد في غَرْناطة، وأن يُعطِيَه ابن تاشَفِين إيّاها، فعرض لَهُ بذلك، فأعرض عَنْهُ ابن تاشَفِين إلى مُرّاكش في رمضان من السّنة. فلمّا دخلت سنة أربع عزم عَلَى العبور إلى الأندلس لمنازلة المعتمد بْن عَبّاد، فاستعدّ لَهُ ابن عَبّاد [1] ، ونازلته البربر، فاستغاث بالأذفونش، فلم يلتفت إِلَيْهِ.
وكانت إمرة يوسف بْن تاشَفِين عند موت أَبِي بَكْر بْن عُمَر أمير المسلمين سنة اثنتين وستّين وأربعمائة. وكانت الدّولة قبلهما لزَنَاتَة، وكانت دولة «ظالمة» فاجرة.
وكان ابن تاشَفِين وعسكره فيهم يبس وديانة وجهاد، فافتتح البلاد، وأحبَّته الرّعيّة. وضيّق لِثامَه هُوَ وجماعته. فقيل: إنهم كانوا يتلثّمون في الصّحراء كعادة العرب، فلمّا تملّك ضيّق ذَلِكَ اللّثام [2] .
قَالَ عُزَيز: وممّا رأيته عيانًا أَنَّهُ كَانَ لي صديقٌ منهم بدمشق، وبيننا مودة.
فأتيتُه، فدخلت وقد غسَل عمامته، وشدّ سِرواله عَلَى رأسه، وتلثَّم بِهِ. هذا بعد أن انقضت دولتهم، وتفرّقوا في البلاد.