فسيح، وحولها جبال على فراسخ منها، وبالقرب منها جبل عَلَيْهِ الثلج [1] ، وهو الّذي يعدّل مِزَاجَها [2] .
وقيل: كانت لعجوز مَصْمُوديّة [3] . فأسكن مُرّاكش الخَلْق، وكثرت جيوشه وبعد صِيتُه، وخافتْه ملوك الأندلس، وكذلك خافته ملوك الفرنج لأنّها علمت أَنَّهُ ينجد الأندلسيّين عليهم.
وكان قد ظهر للملثَّمين في الحروب ضَرَبات بالسّيوف تقدّ الفارس، وطعنات تنظم الكُلَى [4] ، فكتب إِلَيْهِ المعتمد يتلطّف بِهِ، ويسأله أنّ يعرض عَنْ بلاده لمّا رأى هِمَّتَه عَلَى قصْد الأندلس، وأنّه تحت طاعته. فيقال كَانَ في الكتاب: «فإنك إنّ أعرضت عنّا نُسِبْتَ إلى كَرَمٍ، ولم تُنْسَب إلى عَجْز، وإنْ أَجَبْنا داعيك نُسِبنا إلى عقلٍ، ولم نُنْسَب إلى وهْن، وقد اخترنا لأَنْفُسِنا أجمل نسبتَيْنا [5] . وإنّ في استبقائك ذوي البيوت دوامًا [6] لأمرك وثبوت» [7] .
وأرسل لَهُ تُحَفًا وهدايا.
وكان بربريًّا لا يكاد يفهم، ففسَّرَ لَهُ كاتبه تِلْكَ الكلمات، وأحسن في المشورة عَلَيْهِ [8] ، فأجاب إلى السلم. وكتب كاتبه، عَلَى لسانه: «من يوسف بْن تاشَفِين، سلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته تحيّة من سالمكم، وسلّم إليكم، حكَّمَهُ [9] التّأييد والنَّصْر فيما حكم عليكم، وإنّكم في أوسع إباحة ممّا بأيديكم