- فَأَتَتَا عَلِيَّ فَقُلْتُ: هَنٌ مِثْلُ الْخَشَبَةِ [1] ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَكْنِي. فَانْطَلَقَتَا تُوَلْوِلَانِ، وَتَقُولَانِ: لَوْ كان ها هنا أَحَدٌ مِنْ أَنْفَارِنَا. فَاسْتَقْبَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَهُمَا هَابِطَانِ مِنَ الْجَبَلِ، فَقَالَا لَهُمَا: مَا لَكُمَا؟.

قَالَتَا: الصَّابِئُ بَيْنَ الْكَعْبَةِ وَأَسْتَارِهَا.

قَالَا: مَا قَالَ لَكُمَا؟

قَالَتَا: قَالَ لَنَا كَلِمَةً تَمْلأُ الْفَمَ [2] .

فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبُهُ، فَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ، ثُمَّ طَافَا، فَلَمَّا قَضَى صَلاتَهُ أَتَيْتُهُ، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الإِسْلامِ.

فَقَالَ: «وَعَلَيْكَ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» . ثُمَّ قَالَ: «مِمَّنْ أَنْتَ» ؟

قُلْتُ: مِنْ غِفَارٍ، فَأَهْوَى بِيَدِهِ فَوَضَعَهَا عَلَى جَبِينِهِ، فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: كَرِهَ أَنِّي انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ، فَأَهْوَيْتُ لِآخُذَ بِيَدِهِ، فَقَدَعَنِي [3] صَاحِبُهُ، وَكَانَ أَعْلَمَ بِهِ مِنِّي، ثم رفع رأسه فقال: متى كنت هاهنا؟

قلت: قد كنت هاهنا مُنْذَ ثَلاثِينَ، بَيْنَ لَيْلَةٍ وَيَوْمٍ.

قَالَ: فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ؟ قُلْتُ: مَا كَانَ لِي طَعَامٌ إِلَّا مَاءُ زَمْزَمَ [4] فَقَالَ: إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ، إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ [5] ، وَشِفَاءُ سُقْمٍ.

فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: ائْذَنْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فِي طَعَامِهِ اللَّيْلَةَ، فَفَعَلَ، فَانْطَلَقَا، وَانْطَلَقْتُ مَعَهُمَا، حَتَّى فَتَحَ أَبُو بَكْرٍ بَابًا، فَجَعَلَ يَقْبِضُ لَنَا مِنْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015