وسألت شجاعًا المُدْلجيّ وغيره من شيوخنا عَن الخِلَعيّ، نسبة إلى أيّ شيء؟ فما أخبرني أحدٌ شيء. وسألت السديد الرَّبَعِيّ، وكان عارفًا بأخبار المصريين وكان معدّلًا، فقال: كَانَ أَبُوهُ يُزار، وكانت أمراء المصريّين وأهل القصر يشترون الخِلَع من عنده. وكان يتصدق بثُلُث مَكْسَبه.

وذكر ابن رفاعة أَنَّهُ سمع من الحبّال، وأنّه أتى إلى الخِلَعيّ، فطرده مدّة.

وكان بينهما شيء أظن من جهة الاعتقاد.

وقال أبو الحَسَن عليّ بْن أحمد العابد: سَمِعْتُ الشَّيْخ ابن بَخِيسَاه [1] قَالَ:

ندخل عَلَى القاضي أَبِي الحَسَن الخِلَعيّ في مجلسه، فنجده في الشتاء والصَّيف وعليه قميص واحد، فسألته عَنْ ذَلِكَ، وقلت، يا سيدنا، إنّا لنُكْثِر من الثّياب في هذه الأيّام، وما يُغْني ذَلِكَ عنّا من شدّة البرد، ونراك عَلَى حالةٍ واحدة في الشّتاء والصيف لا يرتدّ عَلَى قميص واحد، فباللَّه يا سيّدي أَخْبِرْني.

فتغيرّ وجهه، ودَمَعَتْ عيناه، ثمّ قَالَ: أتكتم عليَّ ما أقول؟ قلت: نعم.

فقال: غشِيَتْني حُمّاه يومًا، فنمت في تِلْكَ الليلة، فهتف بي هاتف، فناداني باسمي، فقلت: لبيك داعيَ اللَّه. فقال: لا. قل: لَبَّيْك رَبّيَ اللَّه. مَا تجد من الألم؟.

فقلت: إلهي وسيّدي، قد أَخَذَتْ منّي الحُمّى ما قد علمت.

فقال: قد أمرتها أنّ تُقْلِع عنك.

فقلت: إلهي والبرد أيضًا.

فقال: قد أمرت البرد أيضًا أنّ يُقْلع عنك، فلا تجد ألم البرد ولا الحَرّ.

قال: فو الله ما أحسّ ما أنتم منه من الحر ولا من البرد.

قَالَ ابن الأكفانيّ: تُوُفّي بمصر في السادس والعشرين من ذي الحجّة [2] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015