وصنَّف كتاب «البيان عن أُصول الدّين» . وكان على طريقة السَّلَف، ورِعًا نَزِهًا.

وأنبأنا أبو اليُمْن الكِنْديّ أنّ أحمد بن عبد الله بن الآبنوسيّ أخبره قال: كان لقاضي القُضاة الشّاميّ كِيسان، أحدهما يجعل فيه عمامته، وهي كتّان، وقميصًا من القطْن الحَسَن، فإذا خرج لبسهما. والكيس الآخر، فيه فتيت، فإذا أراد الأكل جعل. منه في قصْعة، وجعل فيه قليلًا من الماء، وأكل منه [1] .

وكان له كادك في الشّهر بدينار ونصف، كان يقتات منه. فلمّا ولي القضاء جاء إنسان فدفع فيه أربعة دنانير، فأبى، وقال: لا أغيّر ساكني. وقد ارتبتُ بك، لِمَ لا كانت هذه الزّيادة مِن قِبل القضاء؟ وكان يشدّ في وسَطِه مِئْزرًا، ويخلع في بيته ثيابه، ويجلس.

وكان يقول: ما دخلتُ في القضاء حتّى وجب عليّ، وأعصي إن لم أقبله [2] . وكان طُلّاب المنصب قد كثُروا، حتّى أنّ أبا محمد التّميميّ بذل فيه ذهبًا كثيرًا، فلم يُجب.

وقال [ابن] [3] الجوزيّ: لمّا مات الدّامغانيّ سنة ثمانٍ وسبعين أشار الوزير أبو شجاع على الخليفة [4] أن يولّيه القضاء، فامتنع، فما زالوا به حتّى تقلَّده، وشرط أن لا يأخذ رزقًا، ولا يقبل شفاعة، ولا يغيّر ملبوسه، فأجيب إلى ذلك، فلم يتغيّر حاله، بل كان في القضاء كما كان قبله رحمه الله [5] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015