وقل لي مَجازًا إن عَدِمْتَ حقيقةً ... بأنّك [1] في نُعْمَى فقد كنتَ مُنْعِمَا
أفكِّرُ في عصرٍ مضى لك مُشْرقًا ... فيرجعُ ضَوءُ الصُّبْح عندي مُظْلِما
وأعْجَبُ من أُفْقِ المجَرَّةِ إذ رأى ... كُسُوفَكَ شمسًا كيف أطْلَعُ أنْجُمَا [2]
فتاةٌ سَعَتْ للطَّعنِ حتّى تقَصَّدَتْ [3] ... وسيفٌ [4] أطال الضَّربَ حتّى تثلَّما
بكى آلُ عَبّادٍ ولا لَمحمَّدٍ ... وأبنَائهِ صَوْبُ الغَمَامة إذ هُمَا
صَبَاحُهُمْ كُنَّا به نَحْمَدُ السُّرَى ... فلمَّا عَدِمْنَاهُمْ سَرَيْنَا على عَمَى [5]
وكُنّا رَعَيْنا العزَّ حولَ حِمَاهُمُ ... فقد أجْدَبَ المَرْعَى وقد أقفر الحِمى [6]
وقد أَلْبَسَت أيْدي اللّياليَ مَحَلَّهُم ... منَاسِيجَ [7] سَدَّى الغَيْثُ فيها وألحَمَا
قُصُورٌ خَلَتْ من ساكنيها فما بها ... سوى الأدم تمشي [8] حولَ وَاقِفَةِ الدُّما [9]
كأنْ لم يكنْ فيها أنيسُ [10] ولا التَقَى ... بها الوفدُ جَمْعًا والْجَميشُ [11] عَرَمْرَمَا
حكيتَ [12] وقد فارقْتَ مُلْكَكَ مالكًا ... ومِن وَلَهِي أبكي [13] عليك مُتمَّما
تضيقُ عليَّ الأرضُ حتّى كأنّني [14] ... خُلِقْتُ وإيّاها سوارا ومعصما
وإنّي على رسمي مقيم فإن أَمُتْ ... سأجْعلُ للباكِينَ رسْمي مَوْسِمَا
بَكَاكَ الحَيَا والرّيحُ شقَّتْ جُيُوبَها ... عليكَ وناح الرَّعْدُ باسمِكَ معلما