وأمّا الأكحل فكان حازمًا سائسًا أطاعه جميع حصون صقلّية الّتي للمسلمين. ثمّ إنّ أهل صَقَلّية اشتكوا منه، وبعث المعزّ بن باديس جيشًا عليهم ولده، فحصروا الأكحل، ووثب عليه طائفة من البلد، فقتلوه في سنة تسْعٍ [1] وعشرين وأربعمائة. ثمّ رأوا مصلحتهم في طرد عسكر ابن باديس عنهم، فالتقوا، فانهزم الإفريقيّون، وقُتِل منهم ثمانمائة نفس، ورجع الباقون بأسوأ حال. فولّى أهل صقلّية عليهم الأمير حَسَنًا الصِّمْصام أخا الأكحل، فلم يتّفقوا، وغلب كلّ مقدّم على قلعةٍ، واستولى الأراذل.
ثمّ أخرجوا الصِّمْصام، فانفرد القائد عبد الله بن متكون [2] بمَازَرَ [3] وطَرَابُنُش [4] ، وانفرد القائد عليّ بن نعمة [5] بقَصْرُيَانِه [6] وجُرْجنْت، وانفرد ابنُ الثُمنة بمدينة سَرَقُوسة [7] وقَطَانِيَة [8] ، وتحاربَ هو وابن نِعْمة، وجَرَت لهم خُطُوب، فانهزم ابن الثُمنة، فسوّلت له نفسه الانتصار بالنّصارى، فسار إلى مالطة، وقد أخذتها الفرنْج بعد السّبعين وثلاثمائة وسكنوها، فقال لملكها: أنا أملكك الجزيرة، وملأ يدَ هذا الكلب خسايا، فسارت الفرنج معه في سنة أربع