وكان مع إمامته وجلالته أعلى [1] أَهْل الأندلس إسنادًا فِي وقته [2] .

رَوَى عَنْهُ: أبو العبّاس الدِّلائي، وأبو مُحَمَّد بْن أَبِي قحافة، وأبو الْحَسَن بْن مفوّز، وأبو عَبْد اللَّه الحُمَيْدي، وأبو عليّ الغسّاني، وأبو بحر سُفْيان بْن العاص [3] ، ومحمد بْن فَتُّوح الْأَنْصَارِي، وطائفة سواهم، وأبو داود سليمان بن نجاح المقرئ وقال: تُوُفّي ليلة الجمعة سلْخ ربيع الآخر، ودُفن يوم الجمعة بعد العصر.

قلت: استكمل رحمه اللَّه خمسًا وتسعين سنة وخمسة أيام [4] .

وقال شيخنا أبو عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن أَبِي الفتح، ومن خطّه نقلتُ: كان أبو عُمَر بْن عَبْد البر أعلم من بالأندلس فِي السُّنّن والآثار واختلاف علماء الأمصار.

وكان فِي أوّل زمانه ظاهريّ المذهب مدّةً طويلة، ثُمَّ رجع عن ذلك إِلَى القول بالقياس من غير تقليد أحد، إلا أنه كان كثيرًا ما يميل إِلَى مذهب الشافعي [5] رحمه اللَّه.

قلتُ: وجميع شيوخه الذين حمل عَنْهُمْ لا يبلغون سبعين نفْسًا، ولا رحلَ فِي الحديث، ومع هَذَا فَمَا هُوَ بدون الخطيب، ولا البَيْهقيّ ولا ابن حزْم فِي كثرة الإطلاع، بل قد يكون عنده ما ليس عندهم مع الصِّدْق والديانة والتَّثُّبت وحُسْن الاعتقاد، رحمه اللَّه تعالى.

قال الحُمَيْديّ [6] : أبو عُمَر فقيه حافظ مُكْثِر، عالم بالقراءات وبالخلاف، وبعلوم الحديث والرّجال، قديم السماع، لم يخرج من الأندلس، وكان يميل فِي الفقه إِلَى أقوال الشافعي.

قلت: وكان سلفيّ الاعتقاد، متين الدّيانة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015