وَاحِدًا وَلا تَخْتَلِفُوا فَيُكَذِّبَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [1] ، قَالُوا: فَأَنْتَ [2] فَقُلْ وَأَقِمْ لَنَا رَأْيًا [3] ، قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ فَقُولُوا وَأَنَا أَسْمَعُ، قَالُوا: نَقُولُ كَاهِنٌ، فَقَالَ [4] : مَا هُوَ بِكَاهِنٍ، لَقَدْ رَأَيْتُ الْكُهَّانَ، فَمَا هُوَ بِزَمْزَمَةِ الْكَاهِنِ وَسَجْعِهِ [5] .
فقَالُوا: نَقُولُ مَجْنُونٌ، فَقَالَ: مَا هُوَ بِمَجْنُونٍ، وَلَقَدْ رَأَيْنَا الْجُنُونَ وَعَرَفْنَاهُ فَمَا هُوَ بِحَنَقِهِ [6] وَلَا تَخَالُجِهِ وَلَا وَسْوَسَتِهِ.
قَالُوا: فَنَقُولُ شَاعِرٌ، قَالَ: مَا هُوَ بِشَاعِرٍ، قَدْ عَرَفْنَا الشِّعْرَ بِرَجَزِهِ وَهَزَجِهِ وَقَرِيضِهِ وَمَقْبُوضِهِ وَمَبْسُوطِهِ فَمَا هُوَ بِالشِّعْرِ.
قَالُوا: فَنَقُولُ سَاحِرٌ؟ قَالَ: مَا هُوَ بِسَاحِرٍ، قَدْ رَأَيْنَا السُّحَّارَ وَسِحْرَهُمْ، فَمَا هُوَ بِنَفْثِهِ وَلا عُقَدِهِ.
فَقَالُوا: مَا تَقُولُ يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ؟ قَالَ: وَاللَّهِ إِنَّ لِقَوْلِهِ حَلاوَةً وَإِنَّ أصله لغدق [7] وإنّ رفعه لَجَنِيٌّ، فَمَا أَنْتُمْ بِقَائِلِينَ مِنْ هَذَا شَيْئًا إِلا عُرِفَ أَنَّهُ بَاطِلٌ. وَإِنَّ أَقْرَبَ الْقَوْلِ أَنْ نَقُولَ سِاحِرٌ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ ابْنِهِ [8] وَبَيْنَ الْمَرْءِ وَبَيْنَ أَخِيهِ [9] وَبَيْنَ عَشِيرَتِهِ، فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ بِذَلِكَ، فَجَعَلُوا يَجْلِسُونَ لِلنَّاسِ حِينَ قَدِمُوا الْمَوْسِمُ، لَا يَمُرُّ بِهِمْ أَحَدٌ إِلَّا حذّروه [10] . فأنزل [11] في