جُبَيْرِ بْنِ الْحُوَيْرِثِ: حَضَرْتُ الْيَرْمُوكَ فَلا أَسْمَعُ إِلَّا نَقْفَ الْحَدِيدِ إِلا أَنِّي سَمِعْتُ صَائِحًا يَقُولُ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ أَبْلَوْا للَّه فِيهِ بَلاءً حَسَنًا، فَإِذَا هُوَ أَبُو سُفْيَانَ تَحْتَ رَايَةِ ابْنِهِ [1] .
قَالَ سُوَيْدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ حُصَيْنٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفْلَةَ قَالَ: لَمَّا هَزَمْنَا الْعَدُوَّ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ أَصَبْنَا يَلامِقِ دِيبَاجٍ فَلَبِسْنَاهَا فَقَدِمْنَا عَلَى عُمَرَ وَنَحْنُ نَرَى أَنَّهُ يُعْجِبُهُ ذَلِكَ، فَاسْتَقْبَلْنَاهُ وَسَلَّمْنَا عَلَيْهِ، فَشَتَمَنَا وَرَجَمَنَا بِالْحِجَارَةِ حَتَّى سَبَقْنَاهُ نَعْدُو، فَقَالَ بَعْضُنَا: لَقَدْ بَلَغَهُ عَنْكُمْ شَرٌّ، وَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: لَعَلَّهُ فِي زِيِّكُمْ هَذَا، فَضَعُوهُ، فَوَضَعْنَا تِلْكَ الثِّيَابَ وسلّمنا عليه، فرحّب وساءلنا وَقَالَ: إِنَّكُمْ جِئْتُمْ فِي زِيِّ أَهْلِ الْكُفْرِ، وَإِنَّكُمْ الآنَ فِي زِيِّ أَهْلِ الإِيمَانِ، وَإِنَّهُ لا يَصْلُحُ مِنَ الدِّيبَاجِ وَالْحَرِيرِ إِلا هَكَذَا، وَأَشَارَ بِأَرْبَعِ أَصَابِعِهِ.
وعن مالك بْن عبد الله قَالَ: مَا رأيت أشرف من رجلٍ رأيته يوم اليرموك إنه خرج إليه علجٌ فقتله، ثُمَّ آخر فقتله، ثُمَّ آخر فقتله، ثُمَّ انهزموا وتبِعَهُمْ وتبِعْتُهُ، ثُمَّ انصرف إلى خباءٍ عظيم له فنزل، فدعا بالجفان ودعا من حوله، قلت: من هذا؟ قالوا: عَمرو بن معديكرب.