سَمِعَ ببَجَّانَة [1] من سَعِيد بْن فَحْلُون، فقرأ عَلَيْهِ «مختصر» ابن عَبْد الحكم، وسمع بقُرْطُبَة من مُحَمَّد بْن معاوية القُرَشي، وأَحْمَد بْن المُطَرِّف وأَحْمَد بْن الشامة، وكان عارفًا بمذهب مالك، بصيرًا بِهِ، وسمع أيضًا من وهب بْن مَسَرَّة، وتفقه عند إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيم الطّليطلى.

وكان من الرّاسخين فِي العِلْم، متفننًا فِي الْأدب والشعر، مُقْتَفِيا لآثار السَّلَف.

لَهُ مصنَّفات فِي الرَّقائق والزُّهْد، وشعر رائق، مَعَ زُهْد ونُسُك وصِدْق لَهْجَة، وإقبال عَلَى الطاعة، ومُجَانَبَةٍ للسلطان، وسئل: لِمَ قِيلَ لكم: بنو زمنين؟ فلم يعرف. وقَالَ: كنت أهاب أَبِي، فلم أسأله، ثم فِي آخر عمره انتقل إلى إلْبِيرَة فسكنها.

ولد في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة، أو فِي آخرها. وتُوُفِّي عَلَى الصحيح سنة تسعٍ وتسعين فِي ربيع الآخر.

وله كتاب «المُغْرِب فِي اختصار المُدَوَّنَة» لَيْسَ فِي مختصراتها مثله، وكتاب «مَنْتَخَبُ الْأحكام» الَّذِي سار فِي الْأفاق، وكتاب «الوثائق» ، وكتاب «المُذَهَّب فِي الفقه» وكتاب «مختصر تفسير ابن سلام» وكتاب «حياة القلوب» فِي الزُّهْد، وكتاب «أُنْسُ المُرِيدين» وكتاب «النصائح المنظومة» من شعره، وكتاب «أدب الْإسلام» وكتاب «أُصُول السُّنَّة» وكتاب «قدوة القارئ» .

ومن شعره:

الموتُ فِي كلّ حينٍ ينشُرُ الكَفَنَا ... ونحن فِي غفلة عَمَّا يُرادُ بنا

لا تطمئن إلى الدُّنيا وزُخْرُفِها ... وإن توشَّحْتَ من أثوابها الحَسَنَا

أَيْنَ الْأحِبَّةُ والجيرانُ ما فَعَلُوا ... أَيْنَ الذين هُمُ كانوا لنا سَكَنَا

سقاهُمُ الدَّهْرُ كأْسًا غيرَ صافيةٍ ... فصيّرتهم لأطباق الثّرى رهنا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015