وقد اشتريت مرّة المجلَّد الرابع من شعر الخالديَّيْن [1] ، ونسبتهما هذه إلى قرية الخالديّة، وهي من أعمال المَوْصِل.
وكان محمد الأكبر. وكان قد قدِم دمشقَ في صُحْبة الملك سيف الدولة بن حمدان، وكانا من خَوَاصّ شُعَرائه، وهما شاعران مُحْسِنان مُجَوَّدان متوافقان في النّظمَ، قد اشتركا في نَظْم كثيرٍ من الشعر، وكان السّريّ بن الرّفّاء [2] يبغضهما ويبغضانه، وينال منهما سبّا وهجاء.
فلمحمّد، وزعم الرّفّاء أنّه لكشاجم [3] :
محاسِنُ الدَّيْر تسبيحي ومِسْبَاحِي ... وخَمْرُهُ في الدُّجَى صُبْحي ومِصْبَاحي
أقَمْتُ فيه إلى أنْ صار هَيْكَلُهُ ... بيتي ومفتاحه للحُسن مُفْتَاحي [4]
ولمحمد:
والبدر منتقب [5] بغيم أبيض ... هو فيه بين تَخَفُّرِ وتَبَرُّج
كَتَنَفُّسِ الحسناء في المِرْآةِ إذ ... كَمُلَتْ مَحَاسِنُها ولم تَتَزَوّجِ [6]
ولسعيد [7] :
أَما تَرَى الغَيْمَ يا من قلبُهُ قاسِي ... كأنّه أتى [8] مقياسًا بمقياس
قَطْرٌ كَدَمْعي وبْرقٌ مثل نارِ جوّي ... في القلب منّي ورِيحٌ مثل أَنفاسي [9]
ولأبي إسحاق الصّابي في الخالديَّيْن:
أرى الشاعرين الخالديَّيْن سيّرا ... قصائد يفنى الدّهر وهي تخلّد