فَأَمَرَنَا فِيهِ بِالنُّهُوضِ فِي أَمْرِ الْأَسْوَدِ فَرَأَيْنَا أَمْرًا كَثِيفًا، وَرَأَيْنَا الْأَسْوَدَ قَدْ تَغَيَّرَ لِقَيْسِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ، فَأَخْبَرْنَا قَيْسًا وَأَبْلَغْنَاهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَأَنَّمَا وَقَعْنَا عَلَيْهِ مِنَ السَّمَاءِ [1] فَأَجَابَنَا، وَجَاءَ وَبَرٌ وَكَاتَبْنَا النَّاسَ وَدَعَوْنَاهُمْ، فَأَخْبَرَ الْأَسْوَدَ شَيْطَانُهُ فَأَرْسَلَ إِلَى قَيْسٍ فَقَالَ: مَا يَقُولُ الْمَلَكُ؟ يَقُولُ: عَمَدْتُ إِلَى قَيْسٍ فَأَكْرَمْتُهُ، حَتَّى إِذَا دَخَلَ مِنْكَ كُلَّ مَدْخَلٍ مَالَ مَيْلَ عَدُوِّكَ، فَحَلَفَ لَهُ وَتَنَصَّلَ، فَقَالَ: أَتُكَذِّبُ الْمَلَكَ؟ قَدْ صَدَقَ وَعَرَفْتُ أَنَّكَ تَائِبٌ، قَالَ: فَأَتَانَا قَيْسٌ وَأَخْبَرَنَا فَقُلْنَا: كَمَنْ [2] عَلَى حَذَرٍ، وَأَرْسَلَ إِلَيْنَا الْأَسْوَدُ: أَلَمْ أُشَرِّفْكُمْ عَلَى قَوْمِكُمْ، أَلَمْ يَبْلُغْنِي عَنْكُمْ؟ فَقُلْنَا: أَقِلْنَا مَرَّتَنَا هَذِهِ، فَقَالَ: فَلَا يَبْلُغْنِي عَنْكُمْ فَأَقْتُلَكُمْ، فَنَجَوْنَا وَلَمْ نَكِدْ، وَهُوَ فِي ارْتِيَابٍ [3] مِنْ أَمْرِنَا، قَالَ: فَكَاتَبَنَا عَامِرُ بْنُ شَهْرٍ، وَذُو الْكَلَاعِ، وَذُو ظُلَيْمٍ، فَأَمَرْنَاهُمْ أَنْ لَا يَتَحَرَّكُوا بِشَيْءٍ، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى امْرَأَتِهِ آذَادَ [4] فقلت: يا بنت عمّ قَدْ عَرَفْتُ بَلاءَ هَذَا الرَّجُلِ، وَقَتَلَ زَوْجَكِ وَقَوْمَكِ وَفَضَحَ النِّسَاءَ، فَهَلْ مِنْ مُمَالأَةٍ عَلَيْهِ؟ قَالَتْ:
مَا خَلَقَ اللَّهُ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ، مَا يَقُومُ عَلَى حَقٍّ وَلَا يَنْتَهِي عَنْ حُرْمَةٍ، فَخَرَجْتُ فَإِذَا فَيْرُوزُ وَدَاذَوَيْهِ يَنْتَظِرَانِي [5] ، وَجَاءَ قَيْسٌ وَنحْنُ نُرِيدُ أَنْ نُنَاهِضَهُ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ قَبِلَ أَنْ يَجْلِسَ: الْمَلِكُ يَدْعُوكَ، فَدَخَلَ فِي عَشَرَةٍ فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى قَتْلِهِ، وَقَالَ يَا عَبْهَلَةُ أَمِنِّي [6] تَتَحَصَّنُ بالرِّجَالِ، أَلَمْ أُخْبِرْكَ الحقّ وتخبرني الكذب، تريد قتلي! فقال: كَيْفَ وَأَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ فَمُرْنِي بِمَا أَحْبَبْتَ، فَأَمَّا الْخَوفُ وَالْفَزَعُ فَأَنَا فِيهِمَا فَاقْتُلْنِي وَارْحَمْنِي، فرقّ له وأخرجه، فخرج علينا وقال: