ألا مَوْتٌ يُباعُ فأشتريه ... فهذا العيشُ ما لا خير فيه
ألا موت لذيذ الطَّعْمِ هاني [1] ... يخلّصُني من العيش [2] الكريه
إذا أَبْصَرتُ قبرًا من بعيدِ ... ودِدْتُ لوَ أنَّني قد صرت فيهِ [3]
ألا رَحِم الْمُهَيْمِنُ نفْسَ حرّ ... تصدّق بالوفاة على أخيه
فلما سمعه اشترى له لحما بدرهم وطَبَخَه وأطعمه. ثمّ تقلَّبت الأحوال ووُزَّر المُهَلَّبِي، وضاقت الحال بذاك الرجل فقصد المهلَّبي وكتب إليه:
ألا قُلْ للوزير فَدَتْه نفْسي ... مَقَالَةَ [4] مُذْكِرٍ ما قد نَسيهِ
أَتَذْكُر إذ تقول لضَنْكِ [5] عَيْشٍ ... ألا موتٌ يُباع فأشتريه
فلما وقف عليها أمر له في الحال بسبعمائة درهم، ووقّع في ورقته:
مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ: كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ 2: 261 [6] . ثم دعا به فخلع عليه وولاه عملًا يرتفق به.
وللوزير المُهَلَّبي أخبار [7] وشعر رائق. وتُوُفّي في طريق واسط، وحُمل إلى بغداد. ومن شِعْره:
قال لي مَنْ أُحِبُّ والبَيْنُ قد جَدَّ ... وفي مِهجتي لهيبُ الحريق
ما الذي في الطريق تَصْنَعُ بَعْدي؟ ... قلت: أبكي عَلَيك طُولَ الطَّرِيقِ [8]
تُوُفّي المهلَّبي لثالثِ من شعبان عن نَيَّف وستّين سنة.
ولابن الحجّاج من أبيات يرثيه: