وفيها بعث عليّ بن بُوَيْه إلى الرّاضي يُقاطعه على البلاد الّتي استولى عليها بثمانٍية آلاف ألف درهم كلّ سنة. فبعث له لواء وخِلَعًا. ثمّ أخذ ابن بُوَيْه يماطل بحمل المّال [1] .
وفيها في نصف ربيع الأوّل مات المهديّ عُبَيْد الله صاحب المغرب عن اثنتين وستّين سنه. وكانت أيّامه خمسًا وعشرين سنة وأشهرًا. وقام بالأمر بعده ابنه القائم بأمر الله أبو القاسم محمد، فبقى إلى سنة أربعٍ وثلاثين [2] .
وقال القاضي عَبْد الجبّار بْن أحمد بْن عَبْد الجبّار البصْريّ: اسم جدّ الخلفاء المصريّين سعيد، ويلقب بالمصري. وكان أبوه يهوديًّا حدّادًا [3] بسَلَميّة.
زعم سعيد هذا أنّه ابن ابن الحُسين بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن ميمون القدّاح. وأهل الدّعوة أبو القاسم بن الأبيض العلويّ، وغيره يزعمون أنّ سعيدًا إنما هو ابن امرأة الحُسين المذكور. وأنّ الحُسين ربّاه وعلّمه أسرار الدّعوة، وزوّجه ببنت أبي الشَّلَغْلَغ فجاءه ابن سمّاه عبد الرحمن، فلمّا دخل المغرب وأخذ سِجِلْماسة تسمّى بعُبَيْد وتكنى بأبي محمد، وسمَّى ابنَه الحسن.
وزعمت المغاربة أنّه يتيم ربّاه، وليس بابنه، وكناه أبا القاسم، وجعله ولي عهده. وقتل عُبَيْد خلقًا من العساكر والعلمّاء، وبث دُعاته في الأرض.
وكانت طائفة تزعم أنّه الخالق الرّازق، وطائفة تزعم أنّه نبيّ، وطائفة تزعم أنّه المهديّ حقيقة.