وقال المسعوديّ [1] : أخذ القاهر من مُؤنس وأصحابه أموالًا كثيرة، فلمّا خُلِعَ وسُمِلَ طُوِلب بها. فأنكر، فَعُذِّبَ بأنواع العذاب، فلم يُقرّ بشيء. فأخذه الرّاضي باللَّه فقرّبه وأدناه وقال له: قد ترى مطالبة الْجُنْد بالمّال، وليس عندي شيء، والّذي عندك فليس بنافعٍ لك، فاعترف به.
فقال: أمّا إذا فعلتَ هذا فالمّال مدفون في البستان، وكان قد أنشا بستانًا فيه أصناف الشّجر حُمِلت إليه من البلاد، وزَخرفه وعمل فيه قصرًا، وكان الرّاضي مُغْرمًا بالبستان والقصر، فقال: وفي أيّ مكان المّال منه؟ فقال: أنا مكفوف لا أهتدي إلى مكان، فاحفر البستان تجدْه.
فحفر الرّاضي البستان وأساسات القصر، وقلع الشجر، فلم يجد شيئًا.
فقال له: وأين المّال؟
فقال: وهل عندي مال، وإنّما كان حسرتي في جلوسك في البستان وتنعّمك، فأردتُ أنّ أفجعك فيه.
فندم الرّاضي وأبعدهُ وحبسه [2] . فأقام إلى سنة ثلاثٍ وثلاثين.
ثم أُخرج إلى دار ابن طاهر، فكان تارةً يحبس، وتارة يُطلق. فوقف يومًا بجامع المنصور بين الصُّفوف وعليه مُبطنة بيضاء وقال: تصدَّقوا عليَّ، فأنا مَن قد عرفتم. وكان مقصوده أنّ يشنّع على المستكفي، فقام إليه أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشميّ، فأعطاه خمسمائة درهم.
وقيل: ألف درهم، ثم مُنِع من الخروج. وعاش إلى سنة تسعٍ وثلاثين خاملًا. وعاش ثلاثا وخمسين سنة. وكان له من الولد عبد الصّمد، وأبو القاسم، وأبو الفضل، وعبد العزيز [3] .