وسدَّت المسالك عَلَى أَبِي الهيجاء والقاهر فرجعا إلى الدّار يتسلّلون، وبقي من خدم المقتدر جماعة بالسّيوف، فخافهم أبو الهيجاء، فثبتوا فرجع القَهْقَرَى ودخل بيتًا. فجاء خماجور [1] ، وشتم أبا الهيجاء الغلمانُ، فغضب وخرج كالجمل الهائج وصاح: يال تغلب، أَأُقْتَلُ بين الحيطان؟ أَيْنَ الكُمَيْت؟
أَيْنَ الدهْماء؟ فرماه خماجور بسهمٍ في ثَدْيه، ثمّ رماه آخر فأصاب تَرْقُوَتَه. وآخر في فخذه، فنزع عَنْهُ الأسهم، وقتل واحدًا منهم. وكان مَعَ خماجور، أسودان فبادرا إلى أَبِي الهيجاء، فحزَّ أحدهما رأسه [2] .
وأمّا أولئك فإنهم حملوا المقتدر عَلَى أعناقهم من دار مؤنس إلى قصر الخلافة، فقال: ما فعل أبو الهيجاء؟ فجاءوا براسه إلى المقتدر، فقال: مَن قتله؟ قَالُوا: لَا ندري. فاسترجع وتأسَّف عَلَيْهِ. ثمّ سمع ضجّةً، وجاءه خادم يعدو فقال: هذا محمد القاهر قد أخذ. فجيء بهِ فأجلس بين يديه، فاستدناه وقبّل جبينه، وقال لَهُ: أنتَ واللَّه لَا ذنب بك.
هذا والقاهر يبكي ويقول: اللَّه اللَّه يا أمير المؤمنين في نفسي. فقال: واللَّه لَا جرى عليك منّي سوء أبدًا. فطِب نفسًا. [3] وطيف برأس نازوك ورأس أَبِي الهيجاء ببغداد، ونودي: هذا جزاء من