نَصْر فنزل عَلَى نهر زبارا عَلَى نحو فرسخين من بغداد، وقطعت القنطرة في ذي القعدة. فلما أصحبوا جاءهم القَرْمَطيّ فحاذاهم، وبعث بين يديه أسود ينظر إلى المخاض، فرموه بالنّشّاب حتّى سار كالقنفذ، فعاد وأخبر أصحابه بان القنطرة مقطوعة. فأقامت القرامطة يومين، ثمّ ساروا نحو الأنبار، فما جسر أحدٌ يتبعهم، وهذا خذلان من اللَّه تعالى. فإن القَرْمَطيّ كَانَ في ألف فارس وسبعمائة راجل، وجيش العراق في أربعين ألف فارس [1] .
وقال ثابت: إنّ معظم عسكر المقتدر انهزموا إلى بغداد قبل أنّ يعاينوا القَرْمَطيّ لشدة رعبهم. فوصل القرمطي الأنبار، فاعتقد من بها من الجند أنه جاء منهزما، فخرجوا وقاتلوه، فقتل منهم مائة فارس، وانهزم الباقون [2] .
ثمّ إنّ القَرْمَطيّ ضرب عُنق ابن أَبِي السّاج [3] ، وقتل جماعة من أصحابه.
وهرب معظم أهل الجانب الغربيّ إلى الجانب الشرقيّ [4] .
وسار القَرْمَطيّ إلى هيت فدخل مؤنس بالعسكر إلى الأنبار، وقدم هارون بْن غريب، وسعيد بْن حمدان في جيش إلى هيت، فسبقا القَرْمَطيّ وصعدا عَلَى سورها، فقويت قلوب أهلها وحصنوها. فعمل القَرْمَطيّ سلالم وزحف، فلم يقدر على نقبها، وقتلوا من أصحابه جماعة، فرحل عَنْهَا إلى