قال: فَأُخِذ يزيد بن عبد الصّمد، وأبو زرْعة الدّمشقيّ، والقاضي أبو زُرْعة مقيَّدين، فاستحضرهم يومًا في طريقه إلى بغداد، فقال: أيُّكم القائل: قد نزعت أبا أحمق؟ فَرَبَتْ ألسِنَتُنا وآيسنا من الحياة [1] .
قال أبو زرعة الدّمشقيّ المحدَّث: فأمّا أنا فأُبْلِسْتُ [2] ، وأمّا يزيد فخرِس، وكان تمتامًا، وكان أبو زُرْعة محمد بن عثمان أحدَثنا سِنًّا فقال: أصلح الله الأمير.
فقال الواسطيّ: قف حتّى يتكلّم أكبر منك.
فقلنا: أصلحك الله، هو يتكلم عنا.
فقال: تكلم.
قال: واللَّه ما فينا هاشميّ صريح، ولا قرَشيّ صريح [3] ، ولا عربيّ فصيح، ولكنّا قومٌ مُلِكْنا، يعني قُهِرْنا، ثمّ روى أحاديث في السّمع والطّاعة، وأحاديث في العفْو والإحسان، وكان هو المتكلمّ بالكلمة الّتي نُطَالَب بخِزْيها.
وقال: إنّي أشهدك أيّها الأمير أنّ نسائي طَوالق، وعبيدي أحرار، ومالي [عليّ] [4] حرام، إنّ كان من هؤلاء القوم أحدٌ قال هذه الكلمة.
ووراءنا حُرَم وَعِيالُ، وقد تسامَع النّاس بهَلاكِنا، وقد قدِرْتَ، وإنّما العفو بعد القُدرة.
فقال للواسطيّ: أَطلِقْهم، لا كثّر الله أمثالهم.
فاشتغلت أنا ويزيد بن عبد الصّمد في نزهة [5] أنطاكية وطِيبها عند عثمان بن خرّزاد، وسبق هو إلى حمص [6] .
قال ابن زُولاق في «تاريخ قُضَاة مصر» : ولي أبو زُرْعة قضاء مصر سنة