فَقَالَ الأمير: إن اخترتم أخذتم الدية والولاية أَيْضًا.

قَالُوا: لا نفعل.

فَلَمَّا ذهبوا ليقتلوه ودارت الحلقة قَالُوا: اللَّهمّ إنّا عفونا عنه لا لما بذله الأمير من الدية والولاية، ولكن لوجهك خالصًا.

وَقِيلَ إنَّ الأمير إِبْرَاهِيم خرج يومًا إلى نُزهة، فقدّم إليه رجل قصة وَقَالَ:

إجلالك أيها الأمير منعني أن أذكر حاجتي. وإذا في القصة: إنني عشقت جارية وتيّمني حبُّها، فَقَالَ مولاها: لا أبيعها بأقل من خمسين دينارًا. فنظرت في كل ما أملكه فَإِذَا هُوَ ثلاثون دينارًا. فإن رأى الأمير النظر في أمري.

فأطلق له مائة دينار.

فسمع به آخر، فتعرّض له الآخر وَقَالَ: أعزّ الله الأمير، إني عاشق.

قَالَ: فما الذي تجد؟

قَالَ: حرارة ولهيبًا.

قَالَ: اغمره في الماء مرات حَتَّى يمّر ما بقلبه.

ففعلوا به ذَلِكَ فصاح، فَقَالَ: ما فعلت الحرارة؟

قَالَ: ذهبت والله وصار مكانها برد.

فضحك وأمر له بثلاثين دينارًا.

وكان طبيبه إِسْحَاق بن عمران الإسرائيلي بارعًا في الطِّب، مشهورًا، وَهُوَ صاحب طرائف.

وكان المعتمد أنفذ إِسْحَاق إليه من بغداد. وكان إبراهيم يجزل عطاياه.

وكان إِسْحَاق يُعجب بنفسه ويُسيء أدبه على إِبْرَاهِيم وَيَقُولُ: بعد مجالسة الخلفاء صرت إلى ما أنا فيه.

فَلَمَّا أكثر عليه أمر بقصده في الأكحلين من ذراعيه إلى أن كاد يهلك. ثُمَّ رقّ له وَقَالَ: يمكنك إن تسدّ رمقك؟

قَالَ: نعم، تشد المواضع، وتعجل لي بشرائح مشوية أمتصها. ففعل وسَلِم.

وتمادى على طباعه، فأمر بقتله، فَقَالَ: والله إنَّ مزاجك ليقضي بأن يصيبك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015