وصيف على المخاضة ثلاثًا، فَقَالَ لأصحابه: قد طال مقامنا. ولسنا نأمن أن يأخذ الحسين هارون فيكون له الفتح دوننا. فالصواب أن نمضي في آثارهم.
فأطاعوه ومضوا. وجاء الشاري إلى المخاضة فَعَبَرَ. وجاء الحسين في إثره فلم يجد وَصِيفًا. ولم يُعرف لهارون خبر. فبلغه أَنَّهُ عبر دِجْلة، فعبر خلفه. وجاء هارون إلى حيٍّ من العرب، فأخذ دابة ومضى، وجاء الحسين فسألهم فكتموه، فَقَالَ: المُعْتَضِد في إثري، فأخبروه بمكانه، فاتَّبعه في مائة فارس، فأدركه.
فناشده هارون الشاري وتوعَّده، فألقى الحسين نفسه عليه، وأسره، وجاء به إلى المُعْتَضِد، فأمر بفك قيود حَمْدَان والتوسعة عليه. ورجع بهارون إلى بغداد، وخلع على الحسين بن حَمْدَان وطوّقه، وعُمِلَت قِباب الزّينة، وركَّبوا هارون فيلًا بين يدي المُعْتَضِد، وازدحم الخَلْق حَتَّى سقط كرسي الجسر الأعلى ببغداد، فغرق خلق كثير.
وكان على المُعْتَضِد قِباء أسود، وعِمَامة سوداء، وجميع الأمراء يمشون بين يديه [1] .
وفيها ولي طُغْج بن جُف إمرةَ الجيش الطُّولوني [2] .
وفيها وصلت تَقَادُم عمرو بن اللَّيث أمير خراسان، فكانت مائتي حِمل مال، ومائتي حمارة، وغير ذلك من التُّحَف.
وفيها خلع المُعْتَضِد على حَمْدَان وأطلقه [3] .