ثُمَّ نظر إليَّ فرأى البياض فِي يدي، فقال: أما تستحي منّي؟

فقصصت عليه أمره، وقلت: أحفظه كلّه.

فقال: اقرأ. فقرأت جميع ما قرأ عليَّ أولًا، فلم يصدقني.

وقَالَ: استظهرت قبل أن تجيئني.

فقلت: حَدَّثَنِي بغيره.

فقرأ عليَّ أربعين حديثًا من غرائب حديثه، ثُمَّ قَالَ: هاتِ اقرأ.

فقرأت عليه من أوّله إِلَى آخره، فَمَا أخطأت فِي حرف. فقال: ما رَأَيْت مثلك.

وقَالَ أبو أَحْمَد الحاكم: سمعت عُمَر بْن مالك يقول: مات محمد بْن إِسْمَاعِيل الْبُخَارِيّ ولم يُخلف بخُراسان مثل ابنِ عِيسَى فِي العلم والحفظ والزُّهْد والورع. بكى حَتَّى عَمي وبقي على ضرره سنين.

وقَالَ محمد بْن طاهر الحافظ فِي «المنثور» له: سمعت الْإِمَام أَبَا إِسْمَاعِيل عَبْد الله بْن محمد الْأَنْصَارِيّ بهراة، وجرى ذكر التّرمِذيّ، فقال: كتابه أنفع من كتاب الْبُخَارِيّ، ومسلم، فإنّه لا يقف على الفائدة منهما إلّا المتبحر العالم.

وكتاب أبي إِسْمَاعِيل يصل إِلَى فائدته كلّ واحد من النّاس.

قَالَ غُنْجار فِي تاريخه: تُوُفِّيَ فِي ثالث عشر رجب سنة تسعٍ وسبعين بترمِذ.

والعجب من أبي محمد بْن حزم حيث يقول فِي أبي عِيسَى: مجهول.

قاله فِي الفرائض من كتاب «الأجيال» .

قَالَ أبو الفتح اليَعْمُريّ: قَالَ أبو الْحَسَن القطّان فِي «بيان الوهم والإبهام» عقيب قول ابنِ حزْم: هَذَا كلام من لم يبحث عَنْهُ، وقد شهِدَ له بالإمامة والشّهرة الدّار الدّارَقُطْنِيّ، والحاكم.

وقَالَ أبو يَعْلَى الخليليّ: هُوَ حافظ متقن ثقة.

وذكره أيضًا الأمير أبو نصر بْن الفَرَضيّ، والخطابيّ.

قَالَ أبو الفتح: وذُكر عن ابنِ عِيسَى قَالَ: صنَّفت هَذَا الكتاب، وعرضته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015