يَبْكِي، قَدْ ضَرَبَهُ أَبَوَاهُ، فَقُلْتُ لَهُ يَوْمًا: مَا يُبْكِيكَ؟
قَالَ: يَضْرِبُنِي أَبَوَايَ.
قُلْتُ: وَلِمَ يَضْرِبَانِكَ؟
فَقَالَ: آتِي صَاحِبَ هَذَا الدَّيْرِ، فَإِذَا عَلِمَا ذَلِكَ ضَرَبَانِي، وَأَنْتَ لَوْ أَتَيْتَهُ سَمِعْتَ مَنْهُ حَدِيثًا عَجَبًا [1] .
قُلْتُ: فَاذْهَبْ بِي مَعَكَ، فَأَتَيْنَاهُ، فَحَدَّثَنَا عَنْ بَدْءِ الْخَلْقِ [2] وَعَنِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَحَدَّثَنَا بِأَحَادِيثَ عَجَبٍ، فَكُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَيْهِ مَعَهُ، وَفَطِنَ لَنَا غِلْمَانٌ مِنَ الْكُتَّابِ، فَجَعَلُوا يَجِيئُونَ مَعَنَا، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ أتوه فقالوا: يا هناه [3] إِنَّكَ قَدْ جَاوَرْتَنَا فَلَمْ تَرَ مِنْ جِوَارِنَا إِلَّا الْحَسَنَ، وَإِنَّا نَرَى غِلْمَانَنَا يَخْتَلِفُونَ إِلَيْكَ، وَنَحْنُ نَخَافُ أَنْ تُفْسِدَهَمْ [4] عَلَيْنَا، اخْرُجْ عَنَّا.
قَالَ: نَعَمْ.
فَقَالَ لِذَلِكَ الْغُلَامِ الَّذِي كَانَ يأتيه: أخرجه مَعِي.
قَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ ذَلِكَ [5] قُلْتُ: أَنَا [6] أَخْرُجُ مَعَكَ، وَكُنْتُ يَتِيمًا لَا أَبَ لِي، فَخَرَجْتُ مَعَهُ، فَأَخَذْنَا جَبَلَ رَامَهُرْمُزَ، فَجَعَلْنَا نَمْشِي وَنَتَوَكَّلُ، وَنَأْكُلُ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرِ، فَقَدِمْنَا نَصِيبِينَ [7] .