-سنة خمسٍ وخمسين ومائتين

فيها تُوُفّي: عَبْد اللَّه بْن أبي زياد القطواني، وعبد الله الدارمي الحافظ، بخُلْف، وعبد اللَّه بْن هاشم الطوسي، وعبد الغنيّ بْن رفاعة المِصْريُّ، وعِتيق بْن محمد النَّيسابوري، والجاحظ، وأبو حاتم بخُلْفٍ فيهما، وقد مرا سنة خمسين، والمعتز بالله محمد ابن المتوكل، قتلوه، ومحمد بن حرب النشائي، ومحمد بْن عَبْد الرحيم أَبُو يحيى صاعقة، ومحمد بْن كرام الصُّوفيّ شيخ الكرامية، وموسى بن عامر المري.

وفيها فتنه الزَّنْج، وخروج قائد الزَّنْج العَلَويّ بالبصرة، خرج وعسْكر، وانتسب إلى زيد بْن عَلِيّ، وزعم أنّه عَلَى بْن محمد بْن أَحْمَد بْن عَلِيّ بْن عيسى بْن زيد بْن عَلِيّ، وهذا نَسَب لم يصحّ، وكان مبدأ ظهوره في هذه السنة، والتفت عَلَيْهِ عبيد أهل البصرة مِنَ الزنج، وغيرهم، وعظُم أمره وفعل بالمسلمين الأفاعيل، وهزم الجيوش، وامتدّت أيّامه، وتمادى فِي غيّه إلى أن قتل في سنة -[10]- سبعين، على يد أبي أحمد الموفق.

وفيها دخل مفلح طبرستان، فهزم الْحَسَن بْن زيد العلويّ، فلحق بالديلم، ودخل مفلح آمُل، فهدم دُورَ الْحَسَن بْن زيد، وساق في طلبه.

وفيها كَانَ بين يعقوب بْن الليث وطوق بْن المغلَّس وقْعهٌ كبيرة بظاهر كِرْمان، فانتصر يعقوب وأسر طوق، وكان يعقوب قد خرج عَنِ الطّاعة وجبى الخراج لنفسه.

وفيها خرج عَنِ الطّاعة علي بْن الْحَسين بْن قُرَيش، وكتب إلى المعتزّ بالله يسأله أنْ يولّيه خُراسان، ويقول: إنّ آل طاهر قد ضعُفُوا عَنْ مقاومه يعقوب بْن الليث، فكتب المعتز إليه بعهده إلى خراسان وأمره عليها، وكتب بمثل ذلك إلى يعقوب بْن الليث، وأراد أنْ يغري بينهما ليشغل كلا منهما بصاحبه، وتسقط عنه مؤونة الهالك منهما، فسار يعقوب يريد كِرْمان، وبعث ابن قُرَيش المذكور طوق بن المغلس، فسبق يعقوب إلى كرمان فدخلها، ونزل يعقوب على مرحلة منها، فأقام نحْوًا من شهرين، فلّما طال عليه أظهر الرحيل إلى سجستان، وسار مرحلةً، فوضع طَوْقٌ عَنْهُ السّلَاح، وأحضر الملَاهي والشّراب، وجاءت الأخبار إلى يعقوب، فأسرع الرجعة وأحاط بطَوْق، فأسره واستولى عَلَى كرمان وعلي سجِستْان، ثمّ سار إلى فارس فتملك شيراز، وحارب ابن قُرَيش وظفر بِهِ وأسرهُ، وبعث إلى المعتزّ بالله بتقادُمَ وتحفٍ سَنِيّة، واستفحل أمره.

وفيها أخذ صالح بْن وصيف أَحْمَد بْن إسرائيل، والحسن بْن مَخْلَد، وأبا نوح عيسى بْن إبْرَاهِيم، فقيدّهم، وهم خاصّة المعتز وكُتّابه.

وقد كَانَ ابن وصيف قَالَ: يا أمير المؤمنين لَيْسَ للجُنْد عطاء، وليس فِي بيت المال مال، وقد استولى هؤلَاء عَلَى أموال الدُّنيا، فقال لَهُ أَحْمَد بْن إسرائيل: يا عاصي يا ابن العاصي، وتراجعَا الكلَام والخصام، حتى احتدّ ابن وصيف، وغشي عَلَيْهِ وأصحابه بالباب، فبلغهم فصاحوا وسلّوا سيوفهم وهجموا، فقام المعتزّ ودخل إلى عند نسائه فأخذ ابن وصيف أَحْمَد والجماعة، قَالَ: فقال لَهُ المعتزّ: هب لي أحمد، فإنه ربّاني، فلم يفعل، وضربهم بداره حتى تكسّرت أسنان أَحْمَد، وأخذ خُطوطهم بمالٍ جليلٍ وقيدهم.

وفيها ظهر عيسى بْن جعْفَر، وعلي بْن زيد العلويان الحَسَنيّان، فقتلَا عَبْد اللَّه بْن محمد بن داود الهاشمي الأمير. -[11]-

وفي رجبُ خلِع المعتزّ بالله مِنَ الخلَافة، ثمّ قُتِل، فاختفت أمّه قبيحة، ثمّ ظهرت فِي رمضان، وأعطت صالح بْن وصيف مالَا عظيمًا، ثمّ نفاها بعدما استصفاها إلى مَكّة، فحبست بها، وظهر لها مِنَ الذَّهب ألف ألف وثلَاث مائة ألف دينار، وسفط فِيهِ مكوك زُمُرُّد، وسفط فِيهِ مكُّوك لؤلؤ، فِيهِ حَبُّ كِبار عديمُ المثل، وكيلجة ياقوت أحمر، وغيره، فقومت الأسفاط بألفي ألف دينار، وحمل الجميع إلى ابن وصيف، فلمّا رآه قَالَ: قبحها اللَّه، عرضت ابنها للقتْل لأجل خمسين ألف دينار وعندها هذا، فأخذ الكل ونفاها.

وفي رمضان قَتَل ابنُ وصيف أَبَا نوح، وأحمد بن إسرائيل، وبويع المهتديّ بالله محمد بالأمر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015