عَلَى كَشْفِ وَجْهِهَا، فَلَمْ تَفْعَلْ. فَعَمِدَ الصَّائِغُ إِلَى طَرَفِ ثَوْبِهَا فَعَقَدَهُ إِلَى ظَهْرِهَا. فَلَمَّا قَامَتِ انْكَشَفَتْ سَوْءَتُهَا فَضَحِكُوا، فَصَاحَتْ. فَوَثَبَ رَجُلٌ من المسلمين على الصائغ فقتله. فشدت اليهود على المسلم فقتلوه. فأغضب المسلمين وَوَقَعَ الشَّرُّ.
وَحَدَّثَنِي عَاصِمٌ، قَالَ: فَحَاصَرَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ. فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ حِينَ أَمْكَنَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَحْسِنْ فِي مَوَالِيَّ. فَأَعْرَضَ عَنْه. فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي جَيْبِ دِرْعِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَقَالَ له رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَرْسِلْنِي، وَغَضِبَ؛ أَرْسِلْنِي، وَيْحَكَ. قَالَ: وَاللَّهِ لَا أُرْسِلُكَ حَتَّى تُحْسِنَ فِي مَوَالِيَّ: أَرْبَعُمِائَةُ حَاسِرٍ، وَثَلَاثُمِائَةُ دَارِعٍ؛ قَدْ مَنَعُونِي مِنَ الْأَحْمَرِ وَالْأَسْوَدِ، تَحْصُدُهُمْ فِي غَدَاةٍ وَاحِدَةٍ. إِنِّي وَاللَّهِ امْرؤٌ أَخْشَى الدَّوَائِرَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هُمْ لَكَ.
وَحَدَّثَنِي أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الْوَلِيدِ، قَالَ: لَمَّا حَارَبَتْ بَنُو قينقاع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، تَشَبَّثَ بِأَمْرِهِمُ ابْنُ سَلُولٍ وَقَامَ دُونَهُمْ.
قَالَ: وَمَشَى عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ وَكَانَ أَحَدَ بَنِي عَوْفٍ؛ لَهُمْ مِنْ حِلْفِهِ مِثْلُ الَّذِي لِابْنِ سلول، فجعلهم إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَتَبَرَّأَ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ حِلْفِهِمْ، وَقَالَ: أَتَوَلَّى اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، فَنَزَلَتْ فِيهِ وَفِي ابن سلول: " يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ " إِلَى قَوْلِهِ: " فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ " إِلَى قَوْلِهِ " إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمنوا "؛ وذلك لَتَولَّى عُبَادَةُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.
وَذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - حَاصَرَهُمْ خَمْسَ عَشَرَةَ لَيْلَةً، إِلَى هِلَالِ ذِي الْقِعْدَةِ. وَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ غَدَر مِنَ الْيَهُودِ. وَحَارَبُوا حَتَّى قَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، وَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ، وَأَنَّ لَهُ أَمْوَالَهُمْ. فَأَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكُتِّفُوا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَى كِتَافِهِمُ الْمُنْذِرَ بْنَ قُدَامَةَ السَّلَمِيَّ؛ مِنْ بَنِي السلم. فكلم