تُوُفِيّ فيها أحمد بْن حرب النَّيْسَابُوريّ الزّاهد، ورَوْح بْن عبد المؤمن القارئ، وأبو خَيْثَمة زُهير بْن حرب، وسليمان بْن داود الشَّاذكُونيّ، وأبو الربيع سليمان بْن داود الزّهرانيّ، وعبد الله بن عمر ابن الرّمّاح قاضي نَيْسَابور، وأبو -[746]- جعفر عبد اللَّه بْن محمد النُّفَيْلِيّ، وعليّ بن بحر القطان، وعلي ابن المَدِينيّ، ومحمد بْن عَبْد اللَّه بْن نُمَيْر، ومحمد بْن أبي بكر المُقَدَّمِيّ، والْمُعَافَى بْن سليمان الرَّسْعَنِيّ، ويحيى بْن يحيى اللَّيْثيّ الفقيه.
وفيها هبت ريح بالعراق - فيما قيل - شديدة السموم، لم يعهد مثلها، أحرقت زرع الكوفه، والبصرة، وبغداد، وقتلت المسافرين. ودامت خمسين يومًا، واتصلت بهمذان، فأحرقت الزرع والمواشي، واتصلت بالموصل وسنجار، ومنعت الناس من المعاش في الأسواق، ومن المشي في الطرق، وأهلكت خلْقًا عظيمًا، والله أعلم بصحة ذلك.
وحجّ بالناس من العراق محمد بْن داود بْن عيسى العبّاسيّ، وهو كان أمير الحاجّ في هذه الأعوام.
وفيها أظهر السنة المتوكّلُ في مجلسه، وتحدَّث بها، ورفع المحْنة ونَهى عن القول بِخلق القرآن، وكتب بذلك إلى الآفاق، واستقدمَ المحدِّثينَ إلى سامرّاء، وأجزلَ عطاياهم وأكرمهم، وأمرهم أن يُحدِّثوا بأحاديث الصِّفَات والرؤية، وجلس أبو بكر بْن أبي شَيْبة في جامع الرّصافة، فاجتمعَ له نَحوٌ من ثلاثين ألف نفس، وجلس أخوهُ عثمان بْن أبي شَيْبَة على منبر في مدينة المنصور، فاجتمعَ إليه أيضًا نحوٌ من ثلاثين ألفًا، وجلس مُصْعَب الزُّبَيْرِيّ وحدَّث، وتوفّر دعاء الخلْق للمتوكّل، وبالغوا في الثّناء عليه والتّعظيم له، ونسوا ذنوبه، حتّى قال قائلهم: الخلفاء ثلاثة: أبو بكر الصديق يوم الردة، وعمر بْن عبد العزيز في ردّ المظالِم، والمتوكّل في إحياء السنة وإماتة التجهم.
وفيها خرج عن الطاعة محمد بن البُعَيْث أمير آذَرْبَيْجَان وأرمينية، وتَحَصَّن بقلعة مَرَنْد، فسار لقتاله بُغَا الشَّرابيّ في أربعة آلاف، فنازله وطال الحصار، وقُتِلَ طائفة كبيرة من عسكر بُغَا. ثُمَّ نزل بالأمان. وقيل: بل تدلّى ليهرب فأسروه. والله أعلم.