أَصْحَابُهُ سِمَاطَيْنِ، وَجَارِيَةٌ يُقَالُ لَهَا سِيرِينُ، مَعَهَا مِزْهَرُهَا تَخْتَلِفُ بَيْنَ السِّمَاطَيْنِ تُغَنِّيهِمْ، فَلَمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْهُمْ وَلَمْ يَنْهَهُمْ، وَهِيَ تَقُولُ فِي غِنَائِهَا:
هَلْ عَلَيَّ وَيْحَكُمْ ... إِنْ لَهَوْتُ مِنْ حَرَجٍ
فَتَبَسَّمَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ: " لَا حَرَجَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ ".
حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ هَذَا مَدَنِيٌّ، تَرَكَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنِ ابْنِ الْهَادِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَتِ الْحَبَشَةُ الْمَسْجِدَ يَلْعَبُونَ، فَقَالَ لِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَتُحِبِّينَ أَنْ تَنْظُرِي إِلَيْهِمْ "؟ قُلْتُ: نَعَمْ، فَقَالَ: " تَعَالَيْ "، فَقَامَ بِالْبَابِ، وَجِئْتُ فَوَضَعْتُ ذَقْنِي عَلَى عَاتِقِهِ، وَأَسْنَدْتُ وَجْهِي إِلَى خَدِّهِ، قَالَتْ: وَمِنْ قَوْلِهِمْ يَوْمَئِذٍ " وَأَبُو الْقَاسِمِ طَيِّبٌ "، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " حَسْبُكِ ". قلت: لا تعجل يا رسول الله، قالت: وَمَا بِيَ حُبُّ النَّظَرِ إِلَيْهِمْ، وَلَكِنْ أَحْبَبْتُ أَنْ يَبْلُغَ النِّسَاءَ مَقَامُهُ لِي وَمَكَانِي مِنْهُ.
وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ: فَلَا يَنْصَرِفُ حَتَّى أَكُونَ أنا الذي أَنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ، الْحَرِيصَةِ عَلَى اللَّهْوِ.
وَفِي رِوَايَةٍ: وَالْحَبَشَةُ فِي الْمَسْجِدِ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ وَيَزْفِنُونَ.
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ: أخبرني خارجة بن عبد الله، قال: حدثنا يَزِيدُ بْنُ رُومَانَ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قالت: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمِعْنَا لَغَطًا وَصَوْتَ الصِّبْيَانِ، فَقَامَ، فَإِذَا حَبَشِيَّةٌ تَرْقُصُ وَالصِّبْيَانُ حَوْلَهَا فَقَالَ: " يَا عَائِشَةُ تَعَالَيْ فَانْظُرِي "، فَجِئْتُ فَوَضَعْتُ ذَقْنِي عَلَى مَنْكِبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ، فَقَالَ: " مَا شَبِعْتِ "؟ فَجَعَلْتُ أَقُولُ: لَا، لِأَنْظُرَ مَنْزِلَتِي عِنْدَهُ، إِذْ طَلَعَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَارْفَضَّ النَّاسُ عَنْهَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " إِنِّي لَأَنْظُرُ إِلَى شَيَاطِينِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ قَدْ فَرِقُوا مِنْ عُمَرَ ".
خَارِجَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَا بأس به.