380 - أبو نُواس الشاعر، هُوَ شاعر العصر، أبو عليّ الحَسَن بْن هانئ، وقيل: الحَسَن بْن وهْب الحَكَميّ. [الوفاة: 191 - 200 ه]
مولده بالأهواز، ونشأ بالبصرة.
وَسَمِعَ مِنْ: حمّاد بْن زيد، وعبد الواحد بْن زياد. وعرض القرآن عَلَى يعقوب الحضرميّ. وأخذ اللُّغة عَنْ أَبِي زيد الأنصاريّ، وأبي عُبَيْدة. ثم سكن بغداد، ومدح الخلفاء، والوزراء.
وكان رأسا في اللغة، وشعره في الذروة، قال شيخه أبو عبيدة: أبو نواس للمحدثين مثل امرئ القيس للمتقدمين.
وعن محمد بن مسعر قَالَ: كنّا عند سُفْيان بْن عُيَيْنَة، فتذاكروا شِعْر أَبِي نُواس، فقال ابن عُيَيْنَة: أنشدوني لَهُ، فأنشدوه:
ما هوًى إلا لهُ سببُ ... يبتدي منه وينشعبُ
فَتَنَتْ قلبي محجبة ... وجهُها بالحُسْنِ مُنْتِقِبُ
تُركت والحُسنُ تأخذه ... تنتقي منه وتنتخِبُ
فاكتستْ منه طرائِفه ... واستزادتْ بعضَ ما تهبُ
فقال ابن عُيَيْنَة: آمنت بالذي خلقها.
ولقب أبو نواس بهذا لذؤابتين كانتا تنوس عَلَى عاتقيه؛ أي تضطّرب، وهو مِن موالي الجرّاح بْن عَبْد الله الحَكَميّ الأمير.
ومن شعره قوله:
خل جنبيك لرامي ... وامضِ عَنْهُ بسلامِ
متْ بداء الصمتِ خيـ ... ـر لك مِن داء الكلام
إنّما العاقل مِن ... ألجَمَ فاهُ بلجام -[1271]-
شبْتَ يا هذا وما ... تترك أخلاقَ الغلام
والمنايا آكلاتٌ ... شاربات للأنام
ومن شِعْره:
سبحان ذي الملكوت أيَّةُ لَيْلَةٍ ... مَخَضَت صبيحتُها بيوم الموقفِ
لو أنّ عينًا وَهَّمتْها نفسُها ... ما في المعاد محصلا لم تطرف
ومن شِعْره في عليّ بْن موسى الرضا:
قيل لي أنت أشعرُ الناسِ طُرّا ... في رَوِيّ تأتي بِهِ وبَدِيهِ
فلماذا تركتَ مدحَ ابنِ موسَى ... والخلال التي تجمّعن فيه
قلت: لا أهتدي لمدح إمامٍ ... كَانَ جبريل خادمًا لأبيه
وله:
ألا كلّ حيّ هالكُ وابنُ هالكٍ ... وذو نَسَب في الهالكين عريقِ
إذا امتحنَ الدُّنيا لبيب تكشَّفَت ... لَهُ عَنْ عدوٍ في ثياب صديق
ومن شعره:
فتى يشتري حسن الثناء بماله ... ويعلم أنّ الدائرات تدورُ
فما جازه جُودٌ ولا حَلَّ دونه ... ولكن يصيرُ الجودُ حيث يصير
قال الجماز: كان أبو نواس يجلس معه في حلقة يونس، فينتصف منّا في النحو.
وقال أبو عمرو الشيباني: لولا أنّ أبا نواس أفسدَ شِعره بهذه الأقذار - يعني الخمور - لاحتججنا بِهِ في كُتُبنا.
ومن شِعْر أَبِي نواس:
يا قمرًا أبْصَرتُ في مأتمٍ ... يَنْدُب شَجْوًا بين أترابِ
تبكي فتُذْري الدر من عينها ... وتلطم الوردَ بعُنّابِ
فقلت: لا تبكي عَلَى هالكٍ ... وآبكِ قتيلا لكِ بالبابِ
لا زال موتًا دأب أحبابه ... ولم تزل رؤيته دأبي
مات سنة ثمانٍ وتسعين ومائة، وقيل: سنة ستٌّ وتسعين، وقيل: سنة خمس.
ترجمته سبْعٍ ورقات في " تاريخ بغداد "، وأفرد لَهُ أبو العبّاس بْن شاهين جزءًا في أخباره.