40 - ع: جرير بن عبد الحميد الحافظ، أبو عبد الله الضبي الكوفي، ثم الرازي،

40 - ع: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحَافِظُ، أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الضَّبِّيُّ الْكُوفِيُّ، ثُمَّ الرَّازِيُّ، [الوفاة: 181 - 190 ه]

أَحَدُ الأَئِمَّةِ.

مَوْلِدُهُ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَةٍ بِالْكُوفَةِ.

سَمِعَ: مَنْصُورَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ، وَحُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَعَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عُمَيْرٍ، وَبَيَانَ بْنَ بِشْرٍ، وَسُهَيْلَ بْنَ أَبِي صَالِحٍ، وَمُغِيرَةَ بْنَ مقسم، والأعمش، وأمما مِنْ طَبَقَتِهِمْ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ عَلَى حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ.

وَعَنْهُ: ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَهُوَ مِنْ طَبَقَتِهِ، وَالطَّيَالِسِيُّ، وسليمان بن حرب، وعلي ابن الْمَدِينِيِّ، وَقُتَيْبَةُ، وَابْنُ -[821]- مَعِينٍ، وَأَبُو خَيْثَمَةَ، وَإِسْحَاقُ، وَعَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، وَعُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ، وَالْحَسَنُ بْنُ عَرَفَةَ، وَيُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ، وَمُوسَى بْنُ نَصْرٍ، وَعَدَدٌ كَثِيرٌ، وَقَدِمَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ بَغْدَادَ، وَحَدَّثَ بِهَا.

وَيُقَالُ: إِنَّهُ وُلِدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ.

قَالَ يَعْقُوبُ السَّدُوسِيُّ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمَدِينِيِّ يَقُولُ: كَانَ جَرِيرٌ صاحب لَيْلٍ، وَكَانَ له رسن يقولون: إذا أعيا تَعَلَّقَ بِهِ.

قَالَ يَعْقُوبُ: وَذُكِرَ لِأَبِي خَيْثَمَةَ إِرْسَالُ جَرِيرٍ، فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ يُدَلِّسُ؛ لِأَنَّا كُنَّا إِذَا أَتَيْنَاهُ، وَهُوَ فِي حَدِيثِ الأَعْمَشِ أو منصور أو مغيرة ابتدأ فأخذ الكتاب، فقال: حدثنا فُلانٍ، ثُمّ يُحَدِّثُ عَنْهُ مُبْهَمًا فِي حَدِيثٍ واحد، يقول: مَنْصُورٌ مَنْصُورٌ حَتَّى يَفْرُغَ الْمَجْلِسُ.

قَالَ الْخَطِيبُ: هُوَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَرِيرِ بْنِ قُرْطِ بْنِ هِلالٍ الضَّبِّيُّ.

قُلْتُ: كَانَ النَّاسُ يَرْحَلُونَ إِلَيْهِ لِعِلْمِهِ وَإِتْقَانِهِ.

قَالَ سُفْيَانُ بن عيينة: قال لي ابن شبرمة: عَجَبًا لِهَذَا الرَّازِيِّ عَرَضْتُ عَلَيْهِ أَنْ أُجْرِيَ عليه مائة درهم في الشهر من الصدقة، فَقَالَ: أَيَأْخُذُ الْمُسْلِمُونَ كُلُّهُمْ مِثْلَ هَذَا؟ قُلْتُ: لا. قَالَ: لا حَاجَةَ لِي فِيهِ، يَعْنِي: جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ.

وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: سمعت جريرا يقول: عرضت علي بالكوفة ألفا دِرْهَمٍ يُعْطُونِي مَعَ الْقُرَّاءِ فَأَبَيْتُ، ثُمَّ جِئْتُ الْيَوْمَ أَطْلُبُ مَا عِنْدَهُمْ.

قَالَ ابْنُ مَعِينٍ: طَلَبَ جَرِيرٌ الْحَدِيثَ خَمْسَ سِنِينَ فَقَطْ.

قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: وَكَانَ جَرِيرُ ثِقَةً، كَثِيرَ الْعِلْمِ، يُرْحَلُ إِلَيْهِ.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو زُنَيْجٌ: سَمِعْتُ جَرِيرًا يَقُولُ: رَأَيْتُ ابْنَ أَبِي نَجِيحٍ، ولم أكتب عنه، ورأيت جابرا الجعفي ولم أكتب عنه، ورأيت ابن جريج وَلَمْ أَكْتُبْ عَنْهُ، فَقَالَ رَجُلٌ: ضَيَّعْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، فَقَالَ: لا، أَمَّا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ فَكَانَ يَرَى -[822]- الْقَدَرَ، وَأَمَّا جَابِرٌ فَكَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ، وَأَمَّا ابْنُ جُرَيْجٍ فَإِنَّهُ أَوْصَى بَنِيهِ بِسِتِّينَ امْرَأَةً قال: لا تزوجوا بِهِنَّ فَإِنَّهُنَّ أُمَّهَاتُكُمْ، وَكَانَ يَرَى الْمُتْعَةَ.

قَالَ زُنَيْجٌ: وُجِدَ لِجَرِيرٍ عَنِ الْكُوفِيِّينَ عَشَرَةُ آلافِ حَدِيثٍ.

وَقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرحمن بن محمد قال: سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ بْنَ حَرْبٍ يَقُولُ: كَانَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ، وَأَبُو عَوَانَةَ يَتَشَابَهَانِ فِي رَأْيِ الْعَيْنِ، مَا كَانَا يَصْلُحَانِ إِلا أَنْ يَكُونَا رَاعِيَيْ غَنَمٍ، كَتَبْتُ عَنْهُ بِمَكَّةَ أَنَا وَابْنُ مَهْدِيٍّ.

قَالَ ابْنُ شَيْبَةَ: وَسَمِعْتُ عَبْدَ الرحمن بن محمد يقول: سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيَّ يَقُولُ: قَدِمْتُ الرَّيَّ وَمَعِي أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ بِعَقِبِ مَوْتِ شُعْبَةَ، فَكَانَ جَرِيرٌ يُجَالِسُنَا، فَسَمِعَنَا نَتَذَاكَرُ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ حِفْظٌ، فَسَمِعَنِي أَذْكُرُ حَدِيثًا، فَقَالَ: أكتبه لِي، فَكَتَبْتُهُ وَحَدَّثْتُهُ بِهِ، وَقُلْتُ لَهُ: حَدِّثْنَا، فَقَالَ: لَسْتُ أَحْفَظُ وَكُتُبِي غَائِبَةٌ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ أُؤْتَى بِهَا، قَدْ كَتَبْتُ فِي ذَلِكَ، فَأَتَتْهُ، فَنَظَرْنَا فِيهَا.

وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ: مَا قَالَ لَنَا جَرِيرٌ قَطُّ بِبَغْدَادَ: حَدَّثَنَا، فقلت: تَرَاهُ لا يَغْلَطُ مَرَّةً، وَكَانَ رُبَّمَا نَعَسَ فَنَامَ، ثُمَّ يَنْتَبِهُ، فَيَقْرَأُ مِنَ الْمَوْضِعِ الَّذِي انْتَهَى إِلَيْهِ.

وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ جَرِيرًا تَغَيَّرَ قبل موته قليلا، كذا قال، والمعروف بذلك جرير بن حازم.

وتناكد العقيلي بذكر جرير الضبي في الضعفاء، فقال: حدثنا محمد بن عيسى الهاشمي، قال: حدثني جعفر بن عامر قال: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: جَرِيرُ بْنُ عبد الحميد لا يفصل بين مغيرة وإبراهيم، كان نكرة، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِخَلَفِ بْنِ سَالِمٍ، قَالَ: أَحْمَدُ اشْتَكَتْ عَيْنُهُ، فَحَلَفَتْ عَلَيْهِ أُمُّهُ أَنْ لا يَجِيءَ إِلَى جَرِيرٍ، مِثْلَ جَرِيرٍ يُقَالُ لَهُ هَذَا؟!

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: لَمْ يَكُنْ جَرِيرٌ الرَّازِيُّ بِالذَّكِيِّ فِي الْحَدِيثِ، قُلْتُ: أَرَوَى عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ شَيْئًا؟ قَالَ: نَعَمْ، كَانَ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ حَدِيثُ أَشْعَثَ، وَعَاصِمٍ الأَحْوَلِ، حَتَّى قَدِمَ عَلَيْهِ بهز، فقال لَهُ: هَذَا حَدِيثُ عَاصِمٍ، وَهَذَا حَدِيثُ أَشْعَثَ. قَالَ: فَعَرَفَهَا فَحَدَّثَ بِهَا النَّاسَ. -[823]-

قُلْتُ: كَانُوا لا يَكْتُبُونَ عَلَى النُّسْخَةِ طَبَقَةَ سَمَاعٍ، وَلا اسْمَ الشَّيْخِ، فَكَتَبَ جَرِيرٌ عَنْ هَذَا كِتَابًا، وَعَنْ هَذَا كِتَابًا، وَفَاتَهُ أَنْ يُرَقِّمَ عَلَى كُلِّ كِتَابٍ اسْمَ مَنْ كَتَبَهُ عَنْهُ، وَطَالَ الْعَهْدُ فَاشْتُبِهَ عَلَيْهِ.

وَبِكُلِّ حَالٍ هُوَ ثِقَةٌ، نَحْتَجُّ بِهِ فِي كُتُبِ الإِسْلامِ كُلِّهَا.

مَاتَ سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ بِالرَّيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ.

قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: جَرِيرٌ أَعْلَمُ بِمَنْصُورٍ مِنْ شَرِيكٍ.

وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: جَرِيرٌ ثِقَةٌ يُحْتَجُّ بِهِ.

وَقَالَ يَعْقُوبُ السَّدُوسِيُّ: سَمِعْتُ إِبْرَاهِيمَ بْنَ هَاشِمٍ قَالَ: قَدِمَ جَرِيرٌ بَغْدَادَ، فَنَزَلَ عَلَى بَنِي الْمُسَيِّبِ الضَّبِّيِّ، فَلَمَّا عَبَرَ إِلَى الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ جَاءَ الْمَدُّ، فَقُلْتُ لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: تَعْبُرُ؟ قَالَ: أُمِّي لا تَدَعُنِي، فَعَبَرْتُ أَنَا، فَلَزِمْتُهُ، وَكَتَبْتُ عَنْهُ أَلْفًا وخمس مائة حَدِيثٍ.

وَكَتَبْتُ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى مَكَّةَ.

قَالَ يُوسُفُ بْنُ مُوسَى الْقَطَّانُ: مَاتَ جَرِيرٌ لِيَوْمٍ خَلا مِنْ جُمَادَى الأُولَى سَنَةَ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ، وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ أَوْ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ ابْنُهُ عَبْدُ الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015