أَصْحَابَهُ مِنَ الْبَلَاءِ، وَمَا هُوَ فِيهِ مِنَ الْعَافِيَةِ بِمَكَانِهِ مِنَ اللَّهِ، وَمِنْ عَمِّهِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ، قَالَ لَهُمْ: " لَوْ خَرَجْتُمْ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، فَإِنَّ بِهَا مَلِكًا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ، وَهِيَ أَرْضُ صِدْقٍ، حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فَرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ ". فَخَرَجَ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ وَفِرَارًا بِدِينِهِمْ إِلَى اللَّهِ، فَخَرَجَ عُثْمَانُ بِزَوْجَتِهِ، وَأَبُو حُذَيْفَةَ وَلَدُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسٍ بِزَوْجَتِهِ سَهْلَةَ بِنْتِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو، فَوَلَدَتْ لَهُ بِالْحَبَشَةِ مُحَمَّدًا، وَالزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ، وَمُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ الْعَبْدَرِيُّ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيُّ، وَزَوْجَتُهُ أُمُّ سَلَمَةَ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ، وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ الْجُمَحِيُّ، وَعَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ حَلِيفُ آلِ الْخَطَّابِ، وَامْرَأَتُهُ لَيْلَى بِنْتُ أَبِي حُثْمَةَ الْعَدَوِيَّةُ، وَأَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمِ بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى الْعَامِرِيُّ، وَسُهَيْلُ بْنُ بَيْضَاءَ، وَهُوَ سُهَيْلُ بْنُ وَهْبٍ الْحَارِثِيُّ، فَكَانُوا أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ.
قَالَ: ثُمَّ خَرَجَ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَتَتَابَعَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى الْحَبَشَةِ. ثُمَّ سَمَّى ابْنُ إِسْحَاقَ جَمَاعَتَهُمْ وَقَالَ: فَكَانَ جَمِيعُ مَنْ لَحِقَ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ أَوْ وُلِدَ بِهَا ثَلَاثَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا , فَعَبَدُوا اللَّهَ وَحَمِدُوا جِوَارَ النَّجَاشِيِّ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ قَيْسٍ السَّهْمِيُّ:
يَا رَاكِبًا بلغن عَنِّي مُغَلْغَلَةً ... مَنْ كَانَ يَرْجُو بَلَاغَ اللَّهِ والدين
كل امرئ من عباد اللَّهِ مُضْطَهَدٍ ... بِبَطْنِ مَكَّةَ مَقْهُورٍ وَمَفْتُونِ
أَنَّا وَجَدْنَا بِلَادَ اللَّهِ وَاسِعَةً ... تُنْجِي مِنَ الذُّلِّ وَالْمَخْزَاةِ وَالْهُونِ
فَلَا تُقِيمُوا عَلَى ذُلِّ الْحَيَاةِ وخز ... ي فِي الْمَمَاتِ وَعَيْبٍ غَيْرِ مَأْمُونِ
إِنَّا تَبِعْنَا نَبِيَّ اللَّهِ، وَاطَّرَحُوا ... قَوْلَ النَّبِيِّ وَعَالَوْا فِي الْمَوَازِينِ
فَاجْعَلْ عَذَابَكَ فِي الْقَوْمِ الَّذِينَ بَغَوْا ... وَعَائِذٌ بِكَ أَنْ يَعْلُوا فَيَطْغُونِي
وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ يُعَاتِبُ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ ابْنَ عَمِّهِ، وَكَانَ يُؤْذِيهِ:
أَتَيْمَ بْنَ عَوْفٍ وَالَّذِي جَاءَ بِغْضَةً ... وَمِنْ دُونِهِ الشِّرْمَانُ وَالْبَرْكُ أَكْتَعُ