فَلَمَّا قَدِمَ عَلَى كِسْرَى أَخْبَرَهُ بِقَوْلِ سَطِيحٍ فَقَالَ كِسْرَى: إِلَى مَتَى يَمْلِكُ مِنَّا أَرْبَعَةَ عَشَرَ مَلِكًا تَكُونُ أُمُورٌ، فَمَلَكَ مِنْهُمْ عَشَرَةٌ أَرْبَعَ سِنِينَ، وَمَلَكَ الْبَاقُونَ إِلَى آخِرِ خِلَافَةِ عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ غريب.
وبإسنادي إِلَى الْبَكَّائِيِّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: كَانَ رَبِيعَةُ بْنُ نَصْرٍ مَلِكُ الْيَمَنِ بَيْنَ أَضْعَافِ ملوك التّبابعة، فرأى رؤيا هالته وفظع بها، فَلَمْ يَدَعْ كَاهِنًا وَلَا سَاحِرًا وَلَا عَائِفًا وَلَا مُنَجِّمًا مِنْ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ إِلَّا جَمَعَهُ إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ رُؤْيَا هَالَتْنِي فَأَخْبِرُونِي بِهَا وَبِتَأْوِيلِهَا، قَالُوا: اقْصُصْهَا عَلَيْنَا نخبرك بتأويلها، قال: إنّي إن أخبرتكم بها لَمْ أَطْمَئِنَّ إِلَى خَبَرِكُمْ عَنْ تَأْوِيلِهَا، إِنَّهُ لَا يَعْرِفُ تَأْوِيلَهَا إِلَّا مَنْ عَرَفَهَا، فَقِيلَ لَهُ: إِنْ كَانَ الْمَلِكُ يُرِيدُ هَذَا فَلْيَبْعَثْ إِلَى سَطِيحٍ وَشِقٍّ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ أَعْلَمَ مِنْهُمَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِمَا فَقَدِمَ سَطِيحٌ قَبْلَ شِقٍّ، فَقَالَ لَهُ: رَأَيْتُ حُمَمَةً خَرَجَتْ مِنْ ظُلُمَةٍ، فَوَقَعَتْ بِأَرْضٍ تِهَمَةٍ، فَأَكَلْتُ مِنْهَا كُلَّ ذَاتِ جُمْجُمَةٍ. قَالَ: مَا أَخْطَأْتُ مِنْهَا شَيْئًا، فَمَا تأويلها؟
فقال: أَحْلِفُ بِمَا بَيْنَ الْحَرَّتَيْنِ مِنْ حَنَشٍ، لَيَهْبِطَنَّ أَرْضَكُمُ الْحَبَشُ، فَلَيَمْلِكَنَّ مَا بَيْنَ أَبْيَنَ إِلَى جُرَشَ.
فَقَالَ الْمَلِكُ: وَأَبِيكَ يَا سَطِيحُ إِنَّ هَذَا لَنَا لَغَائِظٌ مُوجِعٌ، فَمَتَى هُوَ كَائِنٌ أفي زمانه أَمْ بَعْدَهُ؟ قَالَ: بَلْ بَعْدَهُ بِحِينٍ، أَكْثَرَ من ستّين أو سبعين يمضين من السّنين، قال: أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينقطع؟ قال: بل ينقطع لبضع وسبعين مِنَ السِّنِينَ، ثُمَّ يَقْتُلُونَ وَيَخْرُجُونَ هَارِبِينَ.
قَالَ: من يلي ذلك من قتلهم وإخراجهم؟ قَالَ: يَلِيهِ إِرَمُ ذِي يَزَنَ، يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ من عدن فلا يترك منهم أَحَدًا بِالْيَمَنِ.
قَالَ: أَفَيَدُومُ ذَلِكَ؟ قَالَ: بَلْ يَنْقَطِعُ بِنَبِيٍّ زَكِيٍّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ قِبَلِ الْعَلِيِّ.
قَالَ: وَمِمَّنْ هُوَ؟ قَالَ: مِنْ وَلَدِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ.
قَالَ: وَهَلْ لِلدَّهْرِ مِنْ آخِرٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، يَوْمٌ