قَالَ ابن إِسْحَاق: وحدّثني أَبُو وَجْزة يزيد بْن عُبَيْد: أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لوفد هوازن: " ما فَعَل مالك بْن عَوْفُ؟ " قَالُوا: هُوَ بالطائف. فقال: " أخبروه إِنْ أَتَاني مُسْلِمًا رَدَدْتُ إِلَيْهِ أهلَه ومالَه، وأعطيته مائةً من الإبل ".
فأُتِيَ مالِك بذلك، فخرج إِلَيْهِ من الطائف. وقد كَانَ مالك خاف من ثقيف عَلَى نفسه من قول رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فأمر براحلةٍ فهُيِّئت، وأمر بفرسٍ لَهُ فأُتِيَ بِهِ، فخرج ليلًا ولحِق برَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فأدركه بالجِعرانة أو بمكة، فردّ عَلَيْهِ أهله وماله وأعطاه مائةً من الإبل. فقال:
ما إِنْ رأيتُ ولا سَمِعتُ بمثلِهِ ... في النَّاسِ كلِّهم بمثْلِ مُحَمَّد
أَوْفَى وَأَعْطَى لِلْجَزِيلِ إذا اجْتُدِي ... وإذا تَشَا يُخْبِرْك عمّا فِي غَد
وإذَا الكَتِيبَةُ عَرَّدَتُ أَنْيَابُها ... أَمَّ الْعِدَى فيها بكُلِّ مُهَنَّد
فكَأَنَّه لَيْثٌ لَدى أَشْبَالِهِ ... وَسْطَ المَبَاءَةِ خَادِرٌ فِي مَرْصَد
فاستعمله النّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى من أسلم من قومه، وتلك القبائل من ثُمَالة وَسَلَمَةَ وفَهْم، كَانَ يقاتل بهم ثقيفًا، لَا يخرج لهم سَرْحٌ إلّا أغار عَلَيْهِ حتّى يصيبه.
قَالَ ابن عَسَاكِر: شهد مالك بْن عَوْفُ فَتْح دِمَشق. وله بها دار.
وقال أبو عاصم: حدثنا جعفر بن يحيى بن ثوبان، قال: أَخْبَرَنِي عَمِّي عُمَارَةُ بْنُ ثَوْبَانَ، أَنَّ أَبَا الطُّفَيْلِ أَخْبَرَهُ قَالَ: كُنْتُ غُلامًا أَحْمِلُ عُضْوَ الْبَعِيرِ، وَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِمُ لَحْمًا بِالْجِعْرَانَةِ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَبَسَطَ لَهَا رِدَاءَهُ. فَقُلْتُ: مَنْ هَذِهِ؟ قَالُوا: أُمُّهُ الَّتِي أَرْضَعَتْهُ.
وَرَوَى الْحَكَمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ هَوَازِنَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: أَنَا أُخْتُكَ شَيْمَاءُ بنت