قال ابن إسحاق: حدثنا الزُّهْرِيُّ قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ فِي أَلْفَيْنِ مِنْ مَكَّةَ، وَعَشَرَةِ آلافٍ كَانُوا مَعَهُ، فَسَارَ بِهِمْ.

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَاسْتَعْمَلَ عَلَى مَكَّةَ عَتَّابَ بْن أسِيد بْن أَبِي الْعِيصِ بْن أُمَيَّة.

وَبِالإِسْنَادِ الأَوَّلِ أَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ أَقْبَلَ فِيمَنْ مَعَهُ مِمَّنْ جَمَعَ مِنْ قَبَائِلِ قَيْسٍ وَثَقِيفٍ، وَمَعَهُ دُرَيْدُ بْنُ الصِّمَّةِ شَيْخٌ كَبِيرٌ فِي شِجَارٍ لَهُ يُقَادُ بِهِ، حَتَّى نَزَلَ النَّاسُ بِأَوْطَاسٍ.

فَقَالَ دُرَيْدٌ حِينَ نُزُلوِهَا، فَسَمِعَ رُغَاءَ الْبَعِيرِ وَنَهِيقَ الْحَمِيرِ وَيُعَارَ الشَّاءِ وَبُكَاءَ الصغير: بِأَيِّ وَادٍ أَنْتُمْ؟ فَقَالُوا: بِأَوْطَاسٍ. فَقَالَ: نِعْمَ مَجَالُ الْخَيْلِ؛ لا حَزْنٌ ضَرِسٌ، وَلا سَهْلٌ دهس. مالي أَسْمَعُ رُغَاءَ الْبَعِيرِ وَبُكَاءَ الصَّغِيرِ وَيُعَارَ الشَّاءِ؟ قَالُوا: سَاقَ مَالِكٌ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَذَرَارِيَّهُمْ. قال: فأين هو؟

فدعي، فَقَالَ: يَا مَالِكُ، إِنَّكَ أَصْبَحْتَ رَئِيسَ قَوْمِكَ، وإن هذا يوم كائن له ما بَعْدَهُ مِنَ الأَيَّامِ، فَمَا دَعَاكَ إِلَى أَنْ تَسُوقَ مَعَ النَّاسِ أَمْوَالَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ وَأَبْنَاءَهُمْ؟ قَالَ: أَرَدْتُ أَنْ أَجْعَلَ خَلْفَ كُلِّ رَجُلٍ أَهْلَهُ وماله ليقاتل عنهم.

فأنفض به دريد، وقال: يا رَاعِي ضَأْنٍ، وَاللَّهِ! وَهَلْ يَرُدُّ وَجْهَ الْمُنْهَزِمِ شيء؟ إنها إن كانت لك لا يَنْفَعْكَ إِلا رَجُلٌ بِسَيْفِهِ وَرُمْحِهِ، وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْكَ فُضِحْتَ فِي أَهْلِكَ وَمَالِكَ. فَارْفَعِ الأَمْوَالَ وَالنِّسَاءَ وَالذَّرَارِيَّ إِلَى عُلْيَا قَوْمِهِمْ وَمُمْتَنِعِ بِلادِهِمْ!

ثُمَّ قَالَ دُرَيْدٌ: وَمَا فَعَلَتْ كَعْبٌ وَكِلابٌ؟ فَقَالُوا: لَمْ يَحْضُرْهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ. فَقَالَ: غَابَ الحد والجد، لو كان يوم علاء ورفعة لم تغب عنه كعب وكلاب، ولوددت لو فعلتم فعلها! فَمَنْ حَضَرَهَا؟ قَالُوا: عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ، وَعَوْفُ بْنُ عَامِرٍ. فَقَالَ: ذَانِكَ الْجَذَعَانِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015