-سنة ثلاث وتسعين وستمائة

فِي ثاني عَشْر المُحَرَّم قُتِل السّلطان الملك الأشرف بتروجة، أقدم عليه نائبه بَيْدَرا وعطف عليه بالسّيف لاجين.

ثم قتل بيدرا من الغد.

وحلفوا للسّلطان الملك النّاصر ناصر الدِّين مُحَمَّد ابن المنصور وهو يومئذ ابن تسع سنين.

وهلك الصّاحب ابنِ السّلعوس تحت العقوبة المُفْرِطة.

فَلَمّا كان العشرين من صَفَر بلغ المتولّي نيابةَ السّلطان كَتُبغا أنّ الشُّجاعيّ -[688]-

يريد قتله فتحرّز وأعلم جماعةً من صاغيته الذين يبغضون الشُّجاعيّ. ثُمَّ ركب فِي الموكب فقال له أميرٌ: أَيْنَ حسام الدّين لاجين؟، قال: ما هُوَ عندي، قال: بل هُوَ عندك، ثُمَّ مدّ يده إلى سيفه، فبدره الأزرق مملوك كتبُغا وضربه حلّ كتفَه، فسقط وذبحوه بسوق الخيل.

ثم مال أكثر الجيش مع كتبُغا ومالت البرجيّة وبعض الخاصّكية إلى الشُّجاعيّ لكونه أنفق فيهم فِي الباطن فيما قيل ثمانين ألف دينار والتزم لهم أنّ من جاءه برأس أميرٍ فله إقطاعه. وأن يمسك كتبغا على السماط، ثُمَّ قُتل الشُّجاعيّ بعد أيّام كَمَا فِي ترجمته.

ويوم نصف المحرم حضر إلى الخدمة الأميران سيف الدِّين بهادُر رأس النَّوبة وجمال الدِّين أقوش المَوْصِليّ الحاجب، فوثب عليهما الخاصّكية فقتلوهما وأحرقوا جثتيهما ورتبوا الحسام أستاذ دار أتابكًا للعسكر وطلبوا الأمراء المتّفقين مع بَيْدَرا على قتل الأشرف، فاختفى لاجين وقُراسُنْقُر ولم يقعوا لهم على أثر.

وقبضوا على الأمراء سيف الدِّين نغية وسيف الدِّين ألناق وعلاء الدِّين ألْطُنْبغا الْجَمْدار وشمس الدين آقسنقر مملوك لاجين وحسام الدين طرنطاي السّاقي ومحمد خواجا وسيف الدِّين أروس فِي خامس صَفَر. فأمر السّلطان بقطْع أيديهم، ثُمَّ سُمِّروا على الْجِمال وطيف بهم ومعهم رأس بيدرا، ثم ماتوا.

وفي المحرم خسف القمر.

وصُرِف من قضاء الدّيار المصريّة ابن جماعة بابن بنت الأعز.

وأفرج عن عز الدين الأفرم.

ورتب في الوزارة تاج الدين محمد ابن فخر الدين ابن حنى.

وفي صَفَر ولي ولاية دمشق عماد الدِّين حسن ابن النّشّابيّ عِوَضًا عن عزَّ الدِّين ابن أبي الهيجاء.

وفي صفر جدد في الجامع إمام زائد بمحراب الصّحابة وهو كمال الدِّين عَبْد الرَّحْمَن ابْن قاضي القضاة محيي الدين ابن الزكي واستمر إلى الآن.

وفي ربيع الأوّل عاد أهل سوق الحريرين إلى سوقهم. وكان ابن جرادة وكيل طغجي قد ألزمهم بسكناهم فِي قَيْسارية القُطْن من السنة الماضية.

وفيه قَدِمَ على حسْبة دمشق ونظر ديوان نائب السّلطنة كتْبغا الرئيس -[689]-

شهاب الدِّين أَحْمَد الحَنَفِيّ ومعه عدّة خِلَع لبسها فِي أيّامٍ متوالية ولبس خِلْعة الحِسْبة بطرحة وارتفع شأنه.

وفي رجب قَدِمَ دمشقَ القاضي صدر الدِّين عبد البر ابن قاضي القضاة تقي الدين ابن رزين على وكالة بيت المال، فباشر نصف شهر وأعيد تاج الدين ابن الشيرازي.

وفي رجب ركب السّلطان الملك النّاصر بأَبَّهة المُلْك وشقّ القاهرة وضربت البشائر بدمشق وزيّنوا.

وجاء تقليد عزَّ الدِّين الحَمَويّ باستمرار النّيابة وتقليد الأعسر باستمرار الشّدّ وتقليد صاحب حماة ببلده.

وفي شعبان درّس بالمسروريّة جلال الدِّين أخو القاضي إمام الدين بعد الركن ابن أفتكين.

وفي رمضان جُرد الأمير علم الدِّين الدّواداريّ بتقدمته إلى ناحية حلب.

وفي أواخر رمضان ظهر الأمير حسام الدِّين لاجين من الاختفاء بالقاهرة بوساطة نائب السّلطنة كَتْبغا، فدخل به إلى السّلطان فأنعم عليه وأعطاه خبز بكتوت العلائي الذي توفي.

وحج بالشاميين عز الدين أيبك الطويل.

وفي ذي القعدة وُلّي نظرَ الدّواوين الصّاحبُ أمين الدين سالم بن محمد ابن صَصْرَى عِوَضًا عن ابن عمّه المُتَوَفَّى جمال الدين.

وفي ذي الحجّة قَدِمَ قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة على قضاء الشَّام عِوَضًا عن المُتَوَفَّى القاضي شهاب الدين ابن الخويي.

وفي ذي الحجّة أخرجت الكلاب من دمشق بأمر ابن النّشّابيّ وشدّد على البّوابين فِي منعهم من الدّخول. ودام منعهم شهرًا أو نحوه، ثم دخلوا.

وفيها كانت فتنة عسّاف بدمشق ورجْم العوامّ له، لكونه حمى نصرانيًا سبَّ النَّبيّ - صَلَّى الله عليه وسلم - فقبض الحموي النائب على جماعةٍ من العلماء وضرب الشَّيْخ زين الدين الفارقي، رحمه الله، واعتقله مع ابن تيميّة وطائفة بالعذراويّة مدّة، فلا حول ولا قوة إلا بالله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015