قَالَتْ لامْرَأَةِ سلَمَةَ بْنِ هِشَامِ بْنِ الْمُغِيرَةِ: مَا لِي لا أَرَى سَلَمَةَ يَحْضُرُ الصَّلاةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَخْرُجَ؛ كُلَّمَا خَرَجَ صَاحَ بِهِ النَّاسُ: يَا فُرَّارُ، فَرَرْتُم فِي سَبِيلِ اللَّهِ. وَكَانَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ.
وعن زيد بْن أرقم قَالَ: كنت يتيمًا لعبد الله بْن رَوَاحة فِي حِجْره، فخرج بي فِي سَفَره ذَلِكَ، مُرْدِفي عَلَى حقيبة رَحْله، فَوَالله إنّه لَيَسِير إذ سَمِعْتُهُ ينشد أبياته هذه:
إذا أدْنَيْتَني وحملتِ رَحلي ... مَسيرةَ أربعٍ بعد الحساء
فشأنك فانعمي وخَلاكِ ذم ... ولا أَرْجعْ إلى أهلي وَرَائي
وآب المسلمون وغادروني ... بأرض الشام مشهور الثَّواء
وردَّكَ كلّ ذي نَسَبٍ قريبٍ ... إلى الرَّحْمَن منقطَع الإِخاء
هنالك لا أُباليَ طلع بعل ... ولا نخل أَسَافِلُها رواء
فلما سمعتهنّ بكيت، فَخَفَقَني بالدِّرَّة وقال: ما عليك يا لكع أن يرزقني الله الشهادة وترجع بين شُعْبَتَيْ الرحل!
وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ هِشَامٍ: حَدَّثَنِي مَنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّ جَعْفَرًا أَخَذَ اللِّوَاءَ بِيَمِينِهِ فَقُطِعَتْ، فَأَخَذَهُ بِشِمَالِهِ فقطعت، فاحتضنته بِعَضُدَيْهِ حَتَّى قُتِلَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَثَلَاثِينَ سنة. فأثابه الله تعالى بذلك جناحين في الجنة يَطِيرُ بِهِمَا حَيْثُ شَاءَ. وَرَوَى أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ بِالرِّمَاحِ.
-ترجمة جعفر بن أبي طالب. [المتوفى: 8 ه]
قُلْتُ: وَكَانَ جَعْفَرٌ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ، هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ. قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَشْبَهْتَ خَلْقِي وَخُلُقِي ".